مفاتیح الشرائع جلد 18
لطفا منتظر باشید ...
إثبات هذا التوحيد المطلق و أنه مقام عالفهذا مجموع الدلائل المستنبطة من هذهالآيةبقي فيها سؤالان:السؤال الأول: لم سماها أربابا و ليستكذلك.و الجواب: لاعتقادهم فيها أنها كذلك، وأيضا الكلام خرج على سبيل الفرض و التقدير:و المعنى أنها إن كانت أربابا فهي خير أماللَّه الواحد القهار.السؤال الثاني: هل يجوز التفاضل بينالأصنام و بين اللَّه تعالى حتى يقال إنهاخير أم اللَّه الواحد القهار؟الجواب: أنه خرج على سبيل الفرض، و المعنى:لو سلمنا أنه حصل منها ما يوجب الخير فهيخير أم اللَّه الواحد القهار.ثم قال: ما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِإِلَّا أَسْماءً سَمَّيْتُمُوهاأَنْتُمْ وَ آباؤُكُمْ ما أَنْزَلَاللَّهُ بِها مِنْ سُلْطانٍو فيه سؤال:و هو أنه تعالى قال فيما قبل هذه الآية: أَأَرْبابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِاللَّهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ و ذلك يدلعلى وجود هذه المسميات. ثم قال عقيب تلكالآية: ما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِإِلَّا أَسْماءً سَمَّيْتُمُوها و هذايدل على أن المسمى غير حاصل و بينهماتناقض.الجواب: أن الذات موجودة حاصلة إلا أنالمسمى بالإله غير حاصل و بيانه من و جهين:الأول: أن ذوات الأصنام و إن كانت موجودةإلا أنها غير موصوفة بصفات الإلهية، و إذاكان كذلك كان الشيء الذي هو مسمى بالإلهفي الحقيقة غير موجود و لا حاصل، الثاني:يروى أن عبدة الأوثان مشبهة فاعتقدوا أنالإله هو النور الأعظم و أن الملائكةأنوار صغيرة و وضعوا على صورة تلك الأنوارهذه الأوثان و معبودهم في الحقيقة هو تلكالأنوار السماوية، و هذا قول المشبهةفإنهم تصوروا جسما كبيرا مستقرا على العرشو يعبدونه و هذا المتخيل غير موجود ألبتةفصح أنهم لا يعبدون إلا مجرد الأسماء.و اعلم أن جماعة ممن يعبدون الأصنام قالوانحن لا نقول: إن هذه الأصنام آلهة للعالمبمعنى أنها هي التي خلقت العالم إلا أنانطلق عليها اسم الإله و نعبدها و نعظمهالاعتقادنا أن اللَّه أمرنا بذلك، فأجاباللَّه تعالى عنه، فقال أما تسميتهابالآلهة فما أمر اللَّه تعالى بذلك و ماأنزل في حصول هذه التسمية حجة و لا برهاناو لا دليلا و لا سلطانا، و ليس لغير اللَّهحكم واجب القبول و لا أمر واجب الالتزام بلالحكم و الأمر و التكليف ليس إلا له، ثمإنه أمر أن ألا تعبدوا إلا أياه، و ذلك لأنالعبادة نهاية التعظيم و الإجلال فلا تليقإلا بمن حصل منه نهاية الإنعام و هو الإلهتعالى لأن منه الخلق و الإحياء و العقل والرزق و الهداية، و نعم اللَّه كثيرة وجهات إحسانه إلى الخلق غير متناهية ثم إنهتعالى لما بين هذه الأشياء، قال وَ لكِنَّأَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ وتفسيره أن أكثر الخلق يسندون حدوث الحوادثالأرضية إلى الاتصالات الفلكية والمناسبات الكوكبية لأجل أنه تقرر فيالعقول أن الحادث لا بد له من سبب فإذارأوا أن تغير أحوال هذا العالم في الحر والبرد و الفصول الأربعة، إنما يحصل عندتغير أحوال الشمس في أرباع الفلك ربطواالفصول الأربعة بحركة الشمس، ثم لماشاهدوا أن أحوال النبات و الحيوان مختلفةبحسب اختلاف الفصول الأربعة ربطوا حدوثالنبات و تغير أحوال الحيوان باختلافالفصول الأربعة، فبهذا الطريق غلب علىطباع أكثر الخلق أن المدبر لحدوث الحوادثفي هذا العالم هو الشمس و القمر و سائرالكواكب، ثم إنه تعالى إذا و فق إنسانا حتىترقى من هذه الدرجة و عرف أنها في