مفاتیح الشرائع جلد 18
لطفا منتظر باشید ...
بيوسف ما فعلوه، لأنهم حسدوه على إقبالالأب عليه و تخصيصه بمزيد الإكرام، فخافبنيامين أن يحسدوه بسبب أن الملك خصهبمزيد الإكرام، فأمنه منه و قال: لا تلتفتإلى ذلك فإن اللَّه قد جمع بيني و بينك.الرابع:روى الكلبي عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما:أن إخوة يوسف عليه السلام كانوا يعيرونيوسف و أخاه بسبب أن جدهما أبا أمهما كانيعبد الأصنام، و أن أم يوسف أمرت يوسف فسرقجونة كانت لأبيها فيها أصنام رجاء أن يتركعبادتها إذا فقدها. فقال له: فَلاتَبْتَئِسْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ أيمن التعيير لنا بما كان عليه جدنا. واللَّه أعلم.ثم قال تعالى: فَلَمَّا جَهَّزَهُمْبِجَهازِهِمْ جَعَلَ السِّقايَةَ فِيرَحْلِ أَخِيهِ و قد مضى الكلام في الجهازو الرحل، أما السقاية فقال صاحب «الكشاف»:مشربة يسقي بها و هو الصواع قيل: كان يسقيبها الملك ثم جعلت صاعا يكال به، و هو بعيدلأن الإناء الذي يشرب الملك الكبير منه لايصلح أن يجعل صاعا، و قيل:كانت الدواب تسقى بها و يكال بها أيضا وهذا أقرب، ثم قال و قيل كانت من فضة مموهةبالذهب، و قيل: كانت من ذهب، و قيل: كانتمرصعة بالجواهر و هذا أيضا بعيد لأنالآنية التي يسقي الدواب فيها لا تكونكذلك، و الأولى أن يقال: كان ذلك الإناءشيئا له قيمة، أما إلى هذا الحد الذي ذكروهفلا.ثم قال تعالى: ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌأَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْلَسارِقُونَ يقال: أذنه أي أعلمه و فيالفرق بين أذن و بين أذن وجهان: قال ابنالأنباري: أذن معناه أعلم إعلاما بعدإعلام لأن فعل يوجب تكرير الفعل قال و يجوزأن يكون إعلاما و احدا من قبيل أن العربتجعل فعل بمعنى أفعل في كثير من المواضع، وقال سيبويه: أذنت و أذنت معناه أعلمت لافرق بينهما، و التأذين معناه: النداء والتصويت بالإعلام.و أما قوله تعالى: أَيَّتُهَا الْعِيرُإِنَّكُمْ لَسارِقُونَ قال أبو الهيثم: كلما سير عليه من الإبل و الحمير و البغالفهو عير و قول من قال العير الإبل خاصةباطل، و قيل: العير الإبل التي عليهاالأحمال لأنها تعير أي تذهب و تجيء، وقيل: هي قافلة الحمير، ثم كثر ذلك حتى قيللكل قافلة عير كأنها جمع عير و جمعها فعلكسقف و سقف.إذا عرفت هذا فنقول: أَيَّتُهَا الْعِيرُالمراد أصحاب العير كقوله: يا خيل اللَّهاركبي و قرأ ابن مسعود:و جعل السقاية على حذف جواب لما كأنه قيلفلما جهزهم بجهازهم و جعل السقاية في رحلأخيه أمهلهم حتى انطلقوا ثُمَّ أَذَّنَمُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُإِنَّكُمْ لَسارِقُونَ.فإن قيل: هل كان ذلك النداء بأمر يوسف أوما كان بأمره؟ فإن كان بأمره فكيف يليقبالرسول الحق من عند اللَّه أن يتهمأقواما و ينسبهم إلى السرقة كذبا وبهتانا، و إن كان الثاني و هو أنه ما كانذلك بأمره فهلا أنكره و هلا أظهر براءتهمعن تلك التهمة.قلنا: العلماء ذكروا في الجواب عنه وجوها:الأول: أنه عليه السلام لما أظهر لأخيه أنهيوسف قال له:إني أريد أن أحبسك ههنا، و لا سبيل إليهإلا بهذه الحيلة فإن رضيت بها فالأمر لكفرضي بأن يقال في حقه ذلك، و على هذاالتقدير لم يتألم قلبه بسبب هذا الكلامفخرج عن كونه ذنبا. و الثاني: أن المرادإنكم لسارقون يوسف من أبيه إلا أنهم ماأظهروا هذا الكلام و المعاريض لا تكون إلاكذلك. و الثالث: أن ذلك المؤذن ربما