مفاتیح الشرائع جلد 18
لطفا منتظر باشید ...
فقال: و ضعه في رحلي من وضع البضاعة فيرحالكم.و اعلم أن ظاهر الآية يقتضي أنهم قالواللملك: إن هذا الأمر ليس بغريب منه فإنأخاه الذي هلك كان أيضا سارقا، و كان غرضهممن هذا الكلام أنا لسنا على طريقته و لاعلى سيرته، و هو و أخوه مختصان بهذهالطريقة لأنهما من أم أخرى، و اختلفوا فيالسرقة التي نسبوها إلى يوسف عليه السلامعلى أقوال: الأول: قال سعيد بن جبير: كانجده أبو أمه كافرا يعبد الأوثان فأمرتهأمه بأن يسرق تلك الأوثان و يكسرها فلعلهيترك عبادة الأوثان ففعل ذلك، فهذا هوالسرقة، و الثاني: أنه كان يسرق الطعام منمائدة أبيه و يدفعه إلى الفقراء، و قيل سرقعناقا من أبيه و دفعه إلى المسكين و قيلدجاجة. و الثالث: أن عمته كانت تحبه حباشديدا فأرادت أن تمسكه عند نفسها، و كان قدبقي عندها منطقة لإسحق عليه السلام وكانوا يتبركون بها فشدتها على و سط يوسف ثمقالت بأنه سرقها و كان من حكمهم بأن من سرقيسترق، فتوسلت بهذه الحيلة إلى إمساكه عندنفسها.و الرابع: أنهم كذبوا عليه و بهتوه و كانتقلوبهم مملوءة بالغضب على يوسف بعد تلكالوقائع، و بعد انقضاء تلك المدة الطويلة،و هذه الواقعة تدل على أن قلب الحاسد لايطهر عن الغل ألبتة.ثم قال تعالى: فَأَسَرَّها يُوسُفُ فِينَفْسِهِ وَ لَمْ يُبْدِها لَهُمْ واختلفوا في أن الضمير في قوله:فَأَسَرَّها يُوسُفُ إلى أي شيء يعودعلى قولين قال الزجاج: فأسرها إضمار علىشريطة التفسير، تفسيره أنتم شر مكانا وإنما أنث لأن قوله: أَنْتُمْ شَرٌّمَكاناً جملة أو كلمة لأنهم يسمون الطائفةمن الكلام كلمة كأنه قال: فأسر الجملة أوالكلمة التي هي قوله: أَنْتُمْ شَرٌّمَكاناً و في قراءة ابن مسعود فأسربالتذكير يريد القول أو الكلام و طعن أبوعلي الفارسي في هذا الوجه فيما استدركهعلى الزجاج من وجهين:الوجه الأول: قال الإضمار على شريطةالتفسير يكون على ضربين: أحدهما: أن يفسربمفرد كقولنا: نعم رجلا زيد ففي نعم ضميرفاعلها، و رجلا تفسير لذلك الفاعل المضمرو الآخر أن يفسر بجملة و أصل هذا يقع فيالابتداء كقوله: فَإِذا هِيَ شاخِصَةٌأَبْصارُ الَّذِينَ كَفَرُوا [الأنبياء:97] قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص: 1] والمعنى القصة شاخصة أبصار الذين كفروا والأمر اللَّه أحد. ثم إن العوامل الداخلةعلى المبتدأ و الخبر تدخل عليه أيضا نحو إنكقوله: إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُمُجْرِماً [طه: 74] فَإِنَّها لا تَعْمَىالْأَبْصارُ [الحج: 46].إذا عرفت هذا فنقول: نفس المضمر على شريطةالتفسير في كلا القسمين متصل بالجملة التيحصل منها الإضمار، و لا يكون خارجا عن تلكالجملة و لا مباينا لها. و ههنا التفسيرمنفصل عن الجملة التي حصل منها الإضمارفوجب أن لا يحسن. و الثاني: أنه تعالى قال:أَنْتُمْ شَرٌّ مَكاناً و ذلك يدل على أنهذكر هذا الكلام، و لو قلنا: إنه عليهالسلام أضمر هذا الكلام لكان قوله أنه قالذلك كذبا. و اعلم أن هذا الطعن ضعيف لوجوه:أما الأول: فلأنه لا يلزم من حسن القسمينالأولين قبح قسم ثالث.و أما الثاني: فلأنا نحمل ذلك على أنه عليهالسلام قال ذلك على سبيل الخفية و بهذاالتفسير يسقط هذا السؤال.و الوجه الثاني: و هو أن الضمير في قوله:فَأَسَرَّها عائد إلى الإجابة كأنهمقالوا: إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌلَهُ مِنْ قَبْلُ فأسر يوسف إجابتهم فينفسه في ذلك الوقت و لم يبدها لهم في تلكالحالة إلى وقت ثان