مفاتیح الشرائع جلد 18
لطفا منتظر باشید ...
عليكم فيعرى قوله: سلام عن الألف و اللام والتنوين، و السبب في ذلك كثرة الاستعمالأباح هذا التخفيف، و اللَّه أعلم.ثم قال تعالى: فَما لَبِثَ أَنْ جاءَبِعِجْلٍ حَنِيذٍقالوا: مكث إبراهيم خمس عشرة ليلة لايأتيه ضيف فاغتم لذلك، ثم جاءه الملائكةفرأى أضيافا لم ير مثلهم، فعجل و جاء بعجلحنيذ، فقوله: فَما لَبِثَ أَنْ جاءَبِعِجْلٍ حَنِيذٍ معناه: فلما لبث فيالمجيء به بل عجل فيه، أو التقدير: فمالبث مجيئه و العجل ولد البقرة. أما الحنيذ:فهو الذي يشوى في حفرة من الأرض بالحجارةالمحماة، و هو من فعل أهل البادية معروف، وهو محنوذ في الأصل كما قيل: طبيخ و مطبوخ، وقيل: الحنيذ الذي يقطر دسمه. يقال: حنذتالفرس إذا ألقيت عليه الجل حتى تقطر عرقا.ثم قال تعالى: فَلَمَّا رَأىأَيْدِيَهُمْ لا تَصِلُ إِلَيْهِ إلىقوله إِلى قَوْمِ لُوطٍأي إلى العجل، و قال الفراء: إلى الطعام، وهو ذلك العجل نَكِرَهُمْ أي أنكرهم. يقال:نكره و أنكره و استنكره.و اعلم أن الأضياف إنما امتنعوا من الطعاملأنهم ملائكة و الملائكة لا يأكلون و لايشربون، و إنما أتوه في صورة الأضيافليكونوا على صفة يحبها، و هو كان مشغوفابالضيافة. و أما إبراهيم عليه السلام.فنقول: إما أن يقال: إنه عليه السلام ما كانيعلم أنهم ملائكة، بل كان يعتقد فيهم أنهممن البشر، أو يقال: إنه كان عالما بأنهم منالملائكة. أما على الاحتمال الأول فسببخوفه أمران: أحدهما: أنه كان ينزل في طرف منالأرض بعيد عن الناس، فلما امتنعوا منالأكل خاف أن يريدوا به مكروها، و ثانيها:أن من لا يعرف إذا حضر و قدم إليه طعام فإنأكل حصل الأمن و إن لم يأكل حصل الخوف. وأما الاحتمال الثاني: و هو أنه عرف أنهمملائكة اللَّه تعالى، فسبب خوفه على هذاالتقدير أيضا أمران: أحدها: أنه خاف أنيكون نزولهم لأمر أنكره اللَّه تعالىعليه: و الثاني: أنه خاف أن يكون نزولهملتعذيب قومه.فإن قيل: فأي هذين الاحتمالين أقرب وأظهر؟قلنا: أما الذي يقول إنه ما عرف أنهمملائكة اللَّه تعالى فله أن يحتج بأمور:أحدها: أنه تسارع إلى إحضار الطعام، و لوعرف كونهم من الملائكة لما فعل ذلك. وثانيها: أنه لما رآهم ممتنعين من الأكلخافهم، و لو عرف كونهم من الملائكة لمااستدل بترك الأكل على حصول الشر، و ثالثها:أنه رآهم في أول الأمر في صورة البشر، وذلك لا يدل على كونهم من الملائكة. و أماالذي يقول: إنه عرف ذلك احتج بقوله: لاتَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمِلُوطٍ و إنما يقال هذا لمن عرفهم و لم يعرفبأي سبب أرسلوا، ثم بين تعالى أن الملائكةأزالوا ذلك الخوف عنه فقالوا: لا تَخَفْإِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمِ لُوطٍ ومعناه: أرسلنا بالعذاب إلى قوم لوط، لأنهأضمر لقيام الدليل عليه في سورة أخرى، و هوقوله: إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمٍمُجْرِمِينَ لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْحِجارَةً [الذاريات: 32، 33].ثم قال تعالى: وَ امْرَأَتُهُ قائِمَةٌيعني سارة بنت آزر بن باحورا بنت عمإبراهيم عليه السلام، و قوله:قائِمَةٌ قيل: كانت قائمة من وراء السترتستمع إلى الرسل، لأنها ربما خافت أيضا. وقيل: كانت قائمة تخدم الأضياف و إبراهيمعليه السلام جالس معهم، و يأكد هذاالتأويل قراءة ابن مسعود وَ امْرَأَتُهُقائِمَةٌ و هو قاعد.ثم قال تعالى: فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْناهابِإِسْحاقَو اختلفوا في الضحك على قولين: منهم منحمله على