فالمحجوبون عن الذات والصفات لا يرون إلا عرض هذه الجنة، وأما البارزون لله الواحد
القهار فعرض جنتهم عين طولها ولا حد لطولها فلا يقدر قدرها طولا ولا عرضا.(أعدت للمتقين) الذين يتقون حجب أفعالهم وشرك نسبة الأفعال إلى غير
الحق. (الذين ينفقون في السراء والضراء) لا تمنعهم الأحوال المضادة عن الإنفاق
لصحة توكلهم على الله برؤية جميع الأفعال منه (والكاظمين الغيظ) لذلك أيضا، إذ
يرون الجناية عليهم فعل الله فلا يعترضون، ولو لم يغيظوا كانوا في مقام الرضا وجنة
الصفات (والعافين عن الناس) لما ذكرنا، ولتعوذهم بعفوه تعالى عن عقابه (والله يحب المحسنين) الذين يشاهدون تجليات أفعاله تعالى.
تفسير سورة آل عمران من آية 135 إلى آية 136
(والذين إذا فعلوا فاحشة) كبيرة من الكبائر، برؤية أفعالهم صادرة عن قدرتهم(أو ظلموا أنفسهم) نقصوا حقوقها بارتكاب الصغائر وظهور أنفسهم فيها (ذكروا الله) في صدور أفعالهم برؤيتها واقعة بقدرة الله وتبرأ عنها إليه لرؤيتهم ابتلاءه إياهم
بها (فاستغفروا) طلبوا ستر أفعالهم التي هي ذنوبهم بأفعاله بالتبري عن الحول والقوة
إليه (ومن يغفر الذنوب) أي وجودات الأفعال (إلا الله) أي علموا أن لا غافر إلا
هو (ولم يصروا على ما فعلوا) في غفلتهم وحالة ظهور أنفسهم، بل تابوا ورجعوا
إليه في أفعالهم (وهم يعلمون) أن لا فعل إلا الله (ونعم أجر العاملين) بمقتضى
توحيد الأفعال.