الخواطر بالنفي، ومحو الصفات، والموفون بعهد الأزل بملازمة التوحيد وإفناء الذات
والآتية، والصابرين في بأساء الافتقار إلى الله دائما، وضراء كسر النفس وقمع الهوى،
وحين بأس محاربة الشيطان، أولئك الذين صدقوا الله في الوفاء بعهده وعزيمة السلوك
وعقده، وأولئك هم المتقون عن الشرك، المنزهون عن البقية.
آية 178 - 184
القصاص قانون من قوانين العدالة، فرض لإزالة عدوان القوة السبعية، وهو ظلمن ظلال عدله تعالى فإنه إذا تصرف في عبده بإفنائه فيه عوضه عن حر روحه روحا
موهوما خيرا منه، وعن عبد قلبه قلبا موهوبا. وعن أنثى نفسه نفسا موهوبة كاملة.(ولكم) في مقاصة الله إياكم بما ذكر (حياة) عظمية، أي: حياة لا يوصف كنهها
(يا أولي الألباب) أي: العقول الخالصة عن قشر الأوهام وغواشي العينيات
والأجرام. فكذا في هذا القصاص - لكي تتقوا تركه وتحافظوا عليه - الوصية
والمحافظة عليها قانون آخر فرض لإزالة نقصان القوة الملكية، أي: القوى النطقية
وقصورها عما يقتضي الحكمة من التصرف في الأموال، والسلطنة على القوتين
الأخريين بنور الحق وحكم الشرع، ومنعها عن عدوانها أيضا بتبديل الوصية الذي هو
نوع من الجريمة والخيانة، وتحريضها على التحقيق والتدقيق في باب الحكمة التي هي
كمالها بالإصلاح بين الموصى لهم على مقتضى الحكمة، إذا توقع وعلم من الموصي
إضرارا بالسهو والعمد - الصيام قانون آخر مما فرض لإزالة عدوان القوة البهيمية
وتسلطها - وأعلم أن قصاص أهل الحقيقة ما ذكر، ووصيتهم هي بالمحافظة على عهد
الأزل بترك ما سوى الحق، كما قال تعالى: (ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب) [البقرة، الآية:
132]. وصيامهم هو الإمساك عن كل قول وفعل وحركة وسكون ليس بالحق للحق.