(و) هم (اتبعوا رضوان الله) الذي هو جنة الصفات في حال سلوكهم حين لم
يعلموا ما أخفي لهم من قرة أعين وهي جنة الذات المشار إليها بقوله: (والله ذو فضل عظيم) فإن الفضل هو المزيد على الرضوان (يخوف أولياءه) المحجوبين بأنفسهم
مثله من الناس أو يخوفكم أولياءه (فلا تخافوهم) ولا تعتدوا بوجودهم (وخافون إن كنتم) موحدين، أي لا تخافوا غيري لعدم عينه وأثره (ولا يحزنك الذين يسارعون في الكفر) لحجابهم الأصلي وظلمتهم الذاتية خوف أن يضروك (إنهم لن يضروا الله شيئا) إملاء الكفار وطول حياتهم سبب لشدة عذابهم وغاية هوانهم وصغارهم
لازديادهم بطول عمرهم حجابا على حجاب، وبعدا على بعد. وكلما ازدادوا بعدا عن
الحق الذي هو منيع العزة ازدادوا هوانا.
تفسير سورة آل عمران من آية 179 إلى آية 180
(ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه) من ظاهر الإسلام وتصديقاللسان (حتى يميز الخبيث) من صفات النفس وشكوك الوهم وحظوظ الشيطان،
ودواعي الهوى من طيبات صفات القلب كالإخلاص واليقين والمكاشفة ومشاهدات
الروح ومناغيات السر ومسامراته، وتخلص المعرفة والمحبة لله بالابتلاء ووقوع الفتن
والمصائب بينكم.(وما كان الله ليطلعكم على) غيب وجودكم من الحقائق والأحوال الكامنة
فيكم بلا واسطة الرسول لبعد ما بينكم وبينه وعدم المناسبة وانتفاء استعداد التلقي منه
(ولكن الله يجتبي من رسله من يشاء) فيطلعه على أسراره وحقائقه بالكشف ليهديكم
إلى ما غاب عنكم من كنوز وجودكم وأسراره للجنسية النفسانية التي بينه وبينكم،
الموجبة لإمكان اهتدائكم به (فآمنوا بالله ورسله) بالتصديق القلبي والإرادة والتمسك
بالشريعة ليمكنكم التلقي والقبول منهم (وإن تؤمنوا) بعد ذلك الإيمان بالتحقيق
والسلوك إلى اليقين والمتابعة في الطريقة (وتتقوا) الحجب النفسانية وموانع السلوك
(فلكم أجر عظيم) من كشف الحقيقة (بما آتاهم الله من فضله) من المال والعلم
والقدرة والنفس ولا ينفقونه في سبيل الله على المستحقين والمستعدين والأنبياء
والصديقين في الذب عنهم أو الفناء في الله (سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة) أي: