تفسير سورة النحل من آية 56 إلى آية 74
(ويجعلون لما لا يعلمون) وجوده مما سواه (نصيبا مما رزقناهم) فيقولون: هوأعطاني كذا، ولو لم يعطني لكان كذا، وفلان رزقني وأعانني، فيجعلون لغيره تأثيرا في
وصول ذلك إليه، وإن لم يثبتوا له تأثيرا في وجوده فقد جعلوا له نصيبا مما رزقهم الله.
تفسير سورة النحل من آية 75 إلى آية 76
(ضرب الله مثلا) للمجرد والمقيد والمشرك والموحد (عبدا مملوكا) محبالغير الله، مؤثرا له بهواه، فإن المقيد بالشيء يدين بدينه ويصدر عن حكمه، ويتصرف
بأمره، فهو عبده إذ كل من أحب شيئا أطاعه، وإذا أطاعه فقد عبده. فمنهم من يعبد
الشيطان ومنهم من يعبد الشهوة ومنهم من يعبد الدنيا أو الدينار أو اللباس، كما قال
عليه صلى الله عليه وسلم: '' تعس عبد الدينار، تعس عبد الدرهم، وتعس عبد الخميصة ''،
وقال الله تعالى: (أفرءيت من اتخذ إلهه هواه) [الجاثية، الآية: 23] وإذا عبده كان مملوكه
ورقيقه.
(لا يقدر على شيء) لأن المحب والعابد لا يرتقي همته وتأثيره وقوة نفسه
من محبوبه ومعبوده وإلا لما كان مقهورا له، أسيرا في وثاقه، بل ينقض منه ومعبوده
عاجز لا تأثير له، بل لا وجود سواء كان جمادا أو حيوانا أو إنسانا أو ما شئت، فهو
أعجز منه وأذل، ولهذا قيل: إن الدنيا كالظل، إذا تبعته فاتك وإن تركته تبعك، فإن
تابع الدنيا أحقر قدرا من الدنيا وأقل خطرا، ولا تأثير للدنيا فكيف به حتى يحصل له
وبسببه شيء؟ وإن الدنيا ظل زائل، فهو ظل الظل ولا ظل لظل الظل، بل الظل
للذات ولا ذات له فلا ملك له ولا قدرة.