(ويوم يحشرهم) في يوم عين الجمع المطلق (جميعا). قلنا (يا معشر) جن
القوى النفسانية (قد استكثرتم من الإنس) أي: من الحواس والأعضاء الظاهرة أو من
الصور الإنسانية بأن جعلتموهم أتباعكم وأهل طاعتكم إياهم، وتسويلكم وتزيينكم
الحطام الدنيوية واللذات الجسمانية عليهم، ووسوستكم إياهم بالمعاصي (وقال أولياؤهم من الإنس) الذين تولوهم (ربنا استمتع بعضنا ببعض) بانتفاع كل منا في
صورة الجمعية بالآخر (و) (قد) (بلغنا أجلنا الذي أجلت لنا) بالموت أو بالمعاد
الجسماني على أقبح الصور وأسوأ العيش (قال النار) نار الحرمان عن اللذات
ووجدان الآلام (مثواكم خالدين فيها إلا) (وقت) (ما شاء الله) أن تخفف، أو ينجي
منكم من لا يكون سبب تعذبه شركا راسخا في اعتقاده (إن ربك حكيم) لا يعذبكم
إلا بهيآت نفوسكم التي كسبتم على ما تقتضيه الحكمة (عليم) بمن يتعذب باعتقاده
فيدوم عذابه أو بهيآت سيئات أعماله فيعذب على حسبها ثم ينجو منه.
تفسير سورة الأنعام من آية 129 إلى آية 150
(وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا) أي: مثل ذلك الجعل العظيم الهائلنجعل بعضهم ولي بعض بتوافق مكاسبهم وتناسبها، فيتوالون ويحشرون معا في
العذاب كالجن والإنس الذين ذكرناهم أو نجعل بعضهم والى بعض بتعذيبه بمكسوباته
في النار (رسل منكم) من البشر الذين هم جنسكم وعلى التآويل المذكورة من
عقولكم التي هي قوى من جنسكم وهذه الأسئلة والأجوبة والشهادات كلها بلسان
الحال وإظهار الأوصاف، كما قيل:
قال الجدار للوتد: لم تشقني؟قال الوتد: سل من يدقني.وكشهادة الأيدي والأرجل بصورها التي تناسب هيئات أفعالها وتعذبها بها
(ذلك) إشارة إلى إرسال الرسل وتبيين الآيات وإلزام الحجة بالإنذار والتهديد، أي:
الأمر ذلك لأن ربك لم يكن مهلك القرى على غفلتهم ظالما لأنه ينافي الحكمة.