إلى الجهة السفلية بماء التوبة والاستغفار وعيون التنصل والاعتذار (وإن كنتم مرضى)
القلوب، فاقدي سلامتها بأمراض العقائد الفاسدة والرذائل المهلكة (أو على سفر) في
تيه الجهل والحيرة لطلب لذة النفس ومادة الرجس بالحرص (أو جاء أحد منكم) من
الاشتغال بلوث المال وكسب الحطام ملوثا بهيئة محبته وميله راسخة فيه تلك الهيئة
(أو لامستم النساء) لازمتم النفوس وباشرتموها في لذاتها وشهواتها (فلم تجدوا ماء) علما يهديكم إلى التفصي منها ويهذبكم بالتطهر عنها (فتيمموا صعيدا طيبا)
فتوجهوا صعيد استعدادكم الطيب، واقصدوه وارجعوا إلى أصل الاستعداد الفطري
(فامسحوا) من نوره (بووهكم وأيديكم) أي: ذواتكم الموجودة وصفاتكم بالنزول
ومحو هيئات التعلق بها، والتصرف فيها، فإن ذلك التراب يمحو آثارها ويذرها صافية
كما كانت (إن الله كان عفوا) يعفو عن تلك الهيئات المظلمة ورسوخ تلك الملكات
الحاجبة بتركها والإعراض عنها، فيزيلها بالكلية فيصفو استعدادكم وتستعدوا للقائه
ومناجاته (غفورا) يستر صفاتكم وذواتكم بصفاته وذاته.
تفسير سورة النساء من آية 44 إلى آية 46
(ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب) أي: بعضا هو اعترافهم بالحق معاحتجابهم عن الدين (يشترون الضلالة) يستبدلون الاحتجاب عن الدين الذي هو
طريق الحق بنور هداية استعدادهم ويريدون بكم ذلك أيضا وهم أعداؤكم، علم الله
عداوتهم إياكم إذا (وكفى بالله وليا) يلي أمركم بالتوفيق لطريق التوحيد، ونصيرا
ينصركم على أعدائكم بالقمع.
تفسير سورة النساء آية 47
(يا أيها الذين أوتوا الكتاب) كتاب الاستعداد (آمنوا) إيمانا حقيقيا عيانيابإخراج ما في كتاب استعدادكم إلى الفعل من توحيد الذات (من قبل أن نطمس وجوها) بإزالة استعدادها ومحوه (فنردها على أدبارها) التي هي أسفل سافلي عالم
الجسم الذي هو خلف كل عالم (أو نلعنهم) نعذبهم بالمسخ كما مسخنا (أصحاب
السبت) (وكان أمر الله مفعولا) أي: مقضيا إلى الأبد، لا يغيره أحد ولا ينقضه.