وقيل كان ابن خالتها، أي: الطبيعة الجسمانية التي تدل
على الميل السفلي في النفس الجاذب للقلب من جهة الصدر المباشر للعمليات إلى
أرض البدن وموافقاته واطلاع الروح بنور الهداية، على أن الخلل وقع في العمل لا
في العقد والعزيمة وذلك لا يكون إلا من قبل الداعية النفسانية، وهو معنى قوله:
(فلما رأى قميصه قد من دبر قال إنه من كيدكن إن كيدكن عظيم).وقوله: (يوسف أعرض عن هذا واستغفري لذنبك) إشارة إلى إشراق نور
الروح على القلب وانجذابه إلى جانبه للنازل النوري والخاطر الروحي الذي يصرفه عن
جهة النفس ويأمره بالإعراض عن عملها ويذكره لئلا يحدث الميل مرة أخرى. وتأثير
ذلك الوارد والخاطر في النفس بالتنوير والتصفية فإن تنورها بنور الروح المنعكس إليها
من القلب استغفارها عن الهيئة المظلمة التي غلبت بها على القلب.
تفسير سورة يوسف من آية 30 إلى آية 33
ولما بلغ القلب هذا المنزل من الاتصال بالروح والاستشراق من نوره وتنورتالنفس بشعاع نور القلب وتصفت عن كدوراتها عشقته للاستنارة بنوره، والتشكل
بهيئته، والتقرب إليه، وإرادة الوصول إلى مقامه لا لجذبه إلى نفسه وقضاء وطرها منه
باستخدامها إياه في تحصيل اللذات الطبيعية واستنزالها إياه عن مقامه ومرتبته إلى
مرتبتها ليتشكل بهيئتها ويشاركها في أفعالها ولذاتها، كما كانت عند كونها أمارة فتتأثر
قواها حينئذ حتى القوى الطبيعية بتأثرها، وذلك معنى قول نسوة المدينة:
(امرأة العزيز تراود فتاها عن نفسه قد شغفها حبا) وكلما استولى القلب عليها
بهيئته النورية وحسنه الذاتي الفطري والصفاتي الكسبي من الترقي إلى مجاورة الروح
وبلوغه منزل السر، استنارت جميع القوى البدنية بنوره لاستتباعه للنفس واستتباعها
إياه، فشغلت عن أفعالها وتحيرت ووقفت عن تصرفاتها في الغذاء وذهلت عن
سكاكين آلاتها التي كانت تدبر بها أمر التلذذ والتغذي والتفكه، وجرحت قدرتها التي
تستعمل بها الآلات في تصرفاتها وبقيت مبهوتة في متكآتها التي هي محالها في أعضاء