آية 62
(إن الذين آمنوا) الإيمان التقليدي، والظاهريين والباطنيين والذين تعبدوا ملائكةالعقول، لاحتجابهم بالمعقولات وكواكب القوى النفسانية لاحتجابهم بالوهميات
والخياليات (من آمن) منهم الإيمان الحقيقي (بالله) والمعاد وأيقنوا علم التوحيد
والقيامة، وعملوا ما يصلحهم للقاء الله ونيل السعادة في المعاد، فلهم الثواب الباقي
الروحاني عند ربهم من جنات الأفعال والصفات (ولا خوف عليهم) من عقوبة
أفعالهم (ولا هم يحزنون) بفوات تجليات الصفات. والجملة اعتراض بين خطاب
بني إسرائيل.
آية 63 - 64
(وإذ أخذنا ميثاقكم) أي: عهدكم السابق أو اللاحق المأخوذ منهم في التوراةأو بدلائل العقل بتوحيد الأفعال والصفات (ورفعنا فوقكم) طور الدماغ للتمكن من
فهم المعاني وقبولها. وقلنا (خذوا) أي: اقبلوا (ما آتيناكم) من التوراة أو كتاب
العقل الفرقاني بجد (واذكروا) وعوا ما فيه من الحكم والمعارف والعلوم والشرائع،
لكي تتقوا الشرك والجهل والفسق (ثم) أعرضتم (من بعد ذلك) بإقبالكم إلى الجهة
السفلية (فلولا فضل الله عليكم) بهدايته العقل (ورحمته) بنور البصيرة والشرع
(لكنتم من الخاسرين)
آية 65 - 66
(ولقد علمتم الذين اعتدوا) اعلم: أن الناس لو أهملوا وتركوا وخلي بينهموبين طباعهم لتوغلوا وانهمكوا في اللذات الجمسانية، والغواشي الظلمانية لضراوتهم
بها واعتيادهم من الطفولية والصبا حتى زالت استعداداتهم وانحطوا عن رتبة الإنسانية،
فمسخوا كما قال تعالى: (من لعنه الله وغضب عليه وجعل منهم القردة والخنازير) [المائدة،
الآية: 60]، وإن حفظوا وروعوا بالسياسات الشرعية والعقلية والحكم والآداب
والمواعظ الوعدية والوعيدية ترقوا وتنوروا، كما قال الشاعر:
هي النفس إن تهمل تلازم خساسة
وإن تبتعث نحو الفضائل تبهج
وإن تبتعث نحو الفضائل تبهج
وإن تبتعث نحو الفضائل تبهج
بها درن الطباع المتراكم في أوقات الغفلات وظلمة الشواغل العارضة في أزمنة اتخاذ
اللذات، وارتكاب الشهوات. فتتنور بواطنهم بنور الحضور، وتنتعش قلوبهم بالتوجه
إلى الحق عن السقوط في هاوية النفس والعثور، وتستريح بروح الروح، وحب