تفسير سورة الأنعام من آية 152 إلى آية 153 - تفسير ابن عربي (جزء 1) نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

تفسير ابن عربي (جزء 1) - نسخه متنی

محمد بن علی ابن عربی؛ محقق: عبد الوارث محمد علی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

تفسير سورة الأنعام من آية 152 إلى آية 153

ثم أراد أن يبين أن الرذائل الثلاث مستلزمة باجتماعها رذيلة الجور التي هي
أعظمها وجماعها كما أن فضائلها تستلزم العدالة التي هي كمالها والشاملة لها فقال:
(ولا تقربوا مال اليتيم) بوجه من الوجوه (إلا بالتي هي أحسن) إلا بالخصلة التي
هي أحسن من حفظه وتثميره (حتى يبلغ أشده) فينتفع به، لا بالأكل والإنفاق في
مآربكم والإتلاف فإنه أفحش.

ولما بين تحريم أجناس الرذائل الأربع بأسرها على
التفصيل أمر بإيجاب الفضائل الأربع بالإجمال، إذ تفصيل الرذائل يغني عن تفصيل
مقابلاتها وذلك أنها مندرجة بأسرها في العدالة فأمر بها في جميع الوجوه فعلا وقولا
وقال: (وأوفوا الكيل والميزان بالقسط) أي: حافظوا على العدل فيما بينكم وبين
الخلق مطلقا (وإذا قلتم فاعدلوا) أي: لا تقولوا إلا الحق (ولو كان) المقول فيه
(ذا قربى) فلا تميلوا في القول له أو عليه إلى زيادة أو نقصان (وبعهد الله أوفوا)
أي: بالتوحيد والطاعة وكل ما بينكم وبين الله من لوازم العهد السابق بالعقد اللاحق.

ولما كان سلوك طريقة الفضيلة التي هي طريقة الوحدة والتوجه إلى الحق صعبا، كما
قيل: أدق من الشعرة وأحد من السيف، وخصوصا في الأفعال إذ مراعاة الوسط فيها
بلا ميل ما إلى طرف الإفراط والتفريط في غاية الصعوبة. قال بعد قوله: (وأوفوا
الكيل والميزان بالقسط لا نكلف نفسا إلى وسعها) فبين أنه جمع في هذا المقام بين
النهي عن جميع الرذائل والأمر بجميع الفضائل كلها بحيث لا يخرج منها جزئي ما من
جزئياتها، ولهذا قال ابن عباس رضي الله عنه: إن هذه آيات محكمات لم ينسخهن
شيء من جميع الكتب.

واتفق على قوله أهل الكتابين وجميع الملل والنحل. وقال
كعب الأحبار: والذي نفس كعب بيده إنها لأول شيء في التوراة. (ذلكم) أي: ما
ذكر من وجوب الانتهاء عن جميع الرذائل والاتصاف بجميع الفضائل (وصاكم به)
في جميع الكتب على ألسنة جميع الرسل (لعلكم تذكرون) عند سماعها ما وهب الله
لكم من الكمال وأودع استعدادكم في الأزل.

(وأن هذا) أي: طريق الفضائل لأن منبع الفضيلة هي الوحدة. ألا ترى أنها
أواسط واعتدالات بين طرفي إفراط وتفريط لا يمكن سلوكها على التعيين بالحقيقة إلا
لمن استقام في دين الله إليه وأيده الله بالتوفيق لسلوك طريق الحق حتى وصل إلى
الفناء عن صفاته ثم عن ذاته. ثم اتصف في حال البقاء بعد الفناء بصفاته تعالى حتى
قام بالله فاستقام فيه وبه فحينئذ يكون صراطه صراط الحق وسيره سير الله (صراطي مستقيما) أي: طريقي لا يسلكها إلا من قام بي مستويا غير مائل إلى اليمين والشمال
لغرض (فاتبعوه ولا تتبعوا السبل) من المذاهب المتفرقة والأديان المختلفة فإنها

/ 388