(والذين صبروا) في سلوك سبيله عن المألوفات طلبا لرضاه واشتغلوا بالتزكية
بالعبادات المالية والبدنية ويدفعون بالفضيلة رذيلة النفس (أولئك لهم عقبى الدار)
بالرجوع إلى الفطرة أو صبروا عن صفات نفوسهم (ابتغاء وجه ربهم)، أي: لمحبة
الذات لا لمحبة الصفات، وأقاموا صلاة المشاهدة (وأنفقوا مما رزقناهم) من
المقامات والأحوال والكشوف والأعمال (سرا) بالتجريد عن هيئاتها وهيئات الركون
إليها والمحبة إياها، (وعلانية) بتركها وعدم الالتفات إليها، (ويدرؤون بالحسنة)
الحاصلة من تجلي الصفة الإلهية (السيئة) التي هي صفة النفس (أولئك لهم عقبى
الدار) أي: البقاء بعد الفناء.
تفسير سورة الرعد من آية 23 إلى آية 32
(جنات عدن) أي: ثلاثتها، يدخلون جنة الذات مع من صلح من آباءالأرواح، وجنة الصفات بالقلوب، وجنة الأفعال بمن صلح من أزواج النفوس وذريات
القوى (والملائكة) من أهل الجبروت والملكوت (يدخلون عليهم من كل باب) من
أبواب الصفات مسلمين محيين إياهم بتحايا الإشراقات النورية والإمدادات القدسية كل
ذلك بسبب صبرهم على اللذات الحسية (قل إن الله يضل من يشاء) أي: ليس
الهداية والضلال بالآيات فإن في كل شيء آية، وكفى بالآيات المنزلة على رسول
الله صلى الله عليه وسلم وإنما هما بالمشيئة الإلهية، (يضل من يشاء) لعدم الاستعداد أو لحجبهم
بالغواشي الظلمانية (ويهدي إليه من أناب) بتصفية الاستعداد من المحبين. وكما أن
أهل الضلال فريقان: