آية 83
(وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل) عاهدناهم بالتوحيد. ومقتضى التوحيد ملاحظةالحضرة الربوبية ومشاهدة تجلياتها في مظاهرها، والقيام بحقها على حسب ظهور
أوصافها. وأول من يظهر عليه صفات الربوبية وآثارها في الظاهر وعالم الشهادة هما
الأبوان لمكان النسبة والتربية والعطوفية، التي هي آثار الموجد الرب الرحيم فيهما له.فالإحسان إليهما يجب أن يلي عبادة الله بحسب ظهوره في مظهريهما، ثم ذوي القربى
لظهور المواصلة والمرحمة الإلهية فيهم بالنسبة إليه، ثم اليتامى لاختصاص ولايته
وحفظه تعالى بهم فوق من عداهم إذ هو ولي من لا ولي له، ثم المساكين لتوليته
رعايتهم ورزقهم بنفسه بلا واسطة غيره، ثم سائر الناس للرحمة العامة بينهم التي هي
ظل الرحمانية، فالإحسان المأمور به في الآية على درجاته وتفاضله في مراتبه هو تخصيص
العبادة بالله مع مشاهدة صفاته في مظاهرها ورعاية حقوق تجلياتها وأحكامها.
آية 84
(وإذ أخذنا ميثاقكم لا تسفكون دماءكم) بهواكم إلى مقار النفس وصفاتهاوميلكم إلى هواها وطباعها، ومتاركتكم حياتكم الحقيقية، وخواص أفعالكم لأجل
تحصيل مآربها ولذاتها (ولا تخرجون أنفسكم) أي: ذواتكم. إذ يعبر بالنفس عن
الذات (من دياركم) أي: مقاركم الروحانية والروضات القدسية (ثم أقررتم)
بقبولكم لذلك (وأنتم تشهدون) عليه باستعداداتكم الأولية وعقولكم الفطرية.
آية 85 - 86
(ثم أنتم هؤلاء) الساقطون عن الفطرة، المحتجبون عن نور الاستعداد الأصلي(تقتلون أنفسكم) بغوايتكم ومتابعتكم للهوى (وتخرجون فريقا منكم من ديارهم)