تفسير سورة المائدة من آية 6 إلى آية 11
(يا أيها الذين آمنوا) الإيمان العلمي (إذا قمتم إلى الصلاة) انبعثتم عن نومالغفلة وقصدتهم إلى صلاة الحضور والمناجاة الحقيقية والتوجه إلى الحق (فاغسلوا وجوهكم) أي: طهروا وجود قلوبكم بماء العلم النافع الطاهر المطهر من علم الشرائع
والأخلاق والمعاملات التي تتعلق بإزالة الموانع عن لوث صفات النفس (وأيديكم)
أي: وقدركم عن دنس تناول الشهوات والتصرفات في مواد الرجس (إلى المرافق)
إلى قدر الحقوق والمنافع (وامسحوا برؤوسكم) بجهات أرواحكم عن قتام كدورة
القلب وغبار تغيره بالتوجه إلى العالم السفلي ومحبة الدنيا بنور الهدى.
فإن الروح لا
يتكدر بالتعليق، بل يحتجب نوره عن القلب فيسود القلب ويظلم ويكفي في انتشار
نوره صقل الوجه العالي من القلب الذي إليه، فإن القلب ذو وجهين أحدهما: إلى
الروح والرأس ههنا إشارة إليه. والثاني: إلى النفس وقواها، فأحرى بالرجل أن تكون
إشارة إليه (وأرجلكم) وجهات قواكم الطبيعية البدنية بنفض غبار الانهماك في
الشهوات والإفراط في اللذات (إلى الكعبين) إلى حد الاعتدال الذي يقوم به البدن.فعلى هذا من انهمك في الشهوات في اللذات احتاج إلى غسلها بماء علم
الأخلاق وعلم الرياضات حتى ترجع إلى الصفاء الذي يستعد به القلب للحضور
والمناجاة، ومن قرب حوضه فيها من الاعتدال كفاه المسح ولهذا مسح من مسح
وغسل من غسل (وإن كنتم جنبا) بعداء عن الحق بالانجذاب إلى الجهة السفلية
والإعراض عن الجهة العلوية والميل الكلي إلى النفس (فاطهروا) بكليتكم عن تلك
الهيئة المظلمة والصفة الخبيثة الموجبة للبعد والاحتجاب.