تنقیح فی شرح العروة الوثقی نسخه متنی
لطفا منتظر باشید ...
مستقيما بذلك في الجادة و لا سالكا لها بداع الخوف أو رجاء الثواب .و بعبارة اخرى أن المكلف - وقتئذ - لا يمكن الوثوق باستقامته ، لانه قد يستقيم و قد لا يستقيم ، مع أن المعتبر في العادل أن يؤثق بدينه ، و لا يتحقق ذلك إلا بالاستمرار في الاستقامة ، و كذلك الحال فيما إذا استقام بالاضافة إلى بعض المحرمات دون بعض ، و لعل ما ذكرناه من اعتبار الاستمرار في فعل الواجبات و ترك المحرمات هو الذي اراده القائل بالملكة و لم يرد انها ملكة كسائر الملكات و الله العالم بحقيقة الحال ." ثانيهما " : أن الاستقامة مع الاستمرار عليها التي فسرنا بها العدالة المعتبرة في جملة من الموارد لا يضرها ارتكاب المعصية في بعض الاحيان لغلبة الشهوة أو الغضب فيما إذا ندم بعد الارتكاب ، لانه حال المعصية و ان كان منحرفا عن الجادة ، إلا أنه إذا تاب رجع إلى الاستقامة ، و قد قال عز من قائل في توصيف المتقين : إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا ( 1 ) فالشيطان قد يمس العادل ، كما يمس غيره .و قد قيل : ان الجواد قد يكبو .إلا أنه إذا تذكر ندم و رجع إلى الاستقامة و العدل و المتحصل أن الاستقامة الدائمية بمعنى عدم صدور الحرام من المكلف منذ بلوغه إلى آخر عمره معتبرة في العدالة .كما لا تعتبر فيها الاستقامة الخارقة للعادة ، كما إذا فرضنا أن الكذبة الواحدة تترتب عليها جملة كثيرة من المنافع الدنيوية و الاخروية ، و فرضنا أيضا أن النبي أو الوصي - ع - اخبرنا أن الله لا يعاقب المكلف بتلك الكذبة اذ يشفع له الشفعاء يوم القيامة فانه لا يعتبر ترك مثل ذلك في العدالة لاختصاصه كسابقه بقليل من المكلفين بل لا يتحققان إلا في الاوحدى ، و لا يحتمل أن تكون العدالة بهذا المعنى معتبرة في موضوعات الاحكام الشرعية لاستلزامه التعطيل كما مر هذا .