تنقیح فی شرح العروة الوثقی نسخه متنی
لطفا منتظر باشید ...
و قد ذهب شيخنا الانصاري " قده " و جمع ممن تقدمه و تأخر عنه إلى أن العدالة زائدا على ما بيناه من العمل و الاستقامة في سلوك جادة الشرع يعتبر فيها أن يستند العمل إلى الملكة النفسانية تدعو المكلف إليه و تبعثه على ملازمة الطاعة و ترك المعصية فالعمل المجرد من الملكة لا يكون من العدالة في شيء ، و حيث أن الملكة من الصفات النفسانية و الامور المحسوسة فلا مناص من أن نستكشفها بما جعله الشارع معرفا إلى وجودها و كاشفا عنها من حسن الظاهر أو غيره و هذا قد استدل عليه بوجوه : " الاول " : أن الشك في أن الملكة معتبرة في العدالة أو ليست كذلك من الشك في سعة مفهوم العدالة و ضيقه و تردده بين السعة و الضيق و لا مناص معه من الاخذ بالمقدار المتيقن منه في ترتب الاثار عليه و هو المضيق .و أما الزائد على ذلك أعني الموسع فلا و ذلك للشك في أن الاثار المرغوبة من العدالة هل يترتب عليه في الشريعة المقدسة أولا ، و مقتضى الاصل عدم ترتبها عليه إذا فجواز الايتمام في صلاة الجماعة و نفوذ القضاء و الشهادة و غيرها من اثار العدالة انما تترتب على ترك المحرمات و الاتيان بالواجبات إذا كان الباعث إليهما هو الملكة النفسانية .و أما مجرد ترك الحرام أو الاتيان بالواجب من دون ملكة تدعو إليهما فمقتضى الاصل عدم ترتب الاثار عليه .و يرد على هذا الوجه : " أولا " : أن العدالة ليست من المفاهيم المجملة المرددة بين السعة و الضيق حتى يجب الاخذ بالمقدار المتيقن منها كما ذكر ، و انما هي مفهوم مبين لما تقدم و يأتي ايضا من انها بحسب اللغة و الاخبار هي الاستقامة العملية في جادة الشرع و أن هذا هو الذي اخذ في موضوع الاحكام الشرعية و هو مفهوم موسع ، فإذا شككنا في تقييده بالملكة فلا محالة ندفع احتمال التقييد بالاصل .