وقال الفضـل(1):
مذهب الشيخ أبي الحسن الأشعري أنّ حصول العلم ـ الذي هو النتيجة ـ عُقيب النظر الصحيح، بالعـادة.
وإنّما ذهب إلى ذلك بناءً على أنّ جميع الممكنات مسـتندة ـ عنده ـ إلى الله سـبحانه ابتداءً، أي بلا واسطة، وعلى أنّه قادر مختار، فلا يجب عنه صدور شيء منها، ولا يجب عليه، ولا علاقة بوجه بين الحوادث المتعاقبة إلاّ بإجراء العادة، بخلق بعضها عُقيب بعض، كالإحراق عُقيب مماسّة النار، والرِيّ بعد شرب الماء، فليس للمماسّة والشرب مدخل في وجود الإحراق والرِيّ، بل الكلّ واقعة بقدرته واختياره تعالى، فله أنْ يوجِد المماسّـة بدون الإحراق، وأنْ يوجد الإحراق بدون المماسّة، وكذا الحال في سائر الأفعـال.
وإذا تكرّر صدور الفعل منه، وكان دائماً أو أكثريّاً، يقال: إنّه فعله بإجراء العادة ; وإذا لم يتكرّر، أو تكرّر قليلا، فهو خارق العادة أو نادر.
ولا شـكّ أنّ العلم بعـد النظر ممكنٌ، حـادثٌ، محـتاجٌ إلى مؤثّر، ولا مؤثّر إلاّ الله، فهو فِعله الصادر عنه بلا وجوب منه، ولا عليه، وهو دائم أو أكثريّ، فيكون عاديّاً(2).
هذا مذهب الأشاعرة في هذه المسألة.
(1) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ 1 / 148 ـ 149.
(2) شرح المواقف 1 / 241 ـ 243، وانظر: محصّل أفكار المتقدّمين والمتأخرين: 66.