وأقـول:
لا يخفى أنّ قوله تعالى: ( خالق كلّ شيء ) وارد في مقامين من الكتاب المجيد..
الأوّل: قوله تعالى في سورة الأنعام: ( ذلكم الله ربّكم لا إله إلاّ هو خالق كلّ شيء فاعبـدوه... )(1).
وهو ظاهر في غير أفعال العباد ; لأنّه سبحانه قد جعل الأمر بعبادته واستحقاقه لها فرعاً عن وحدانيّـته وخلقه للكائنات.
ومن الواضح أنّ تفريع الأمر بالعبادة على خلق الكائنات إنّما يتمّ إذا كانت العبادة فعلا للعبد، إذ لا معنى لقولنا: لا إله إلاّ هو خالق عبادتكم وغيرها فاعبـدوه.
الثاني: قوله تعالى في سورة الرعد: ( أم جَعلوا لله شركاء خَلقوا كخلقه فتشابه الخلقُ عليهم قل الله خالق كلّ شيء وهو الواحد القـهّار )(2).
وقد استدلّ المجبّرة بهذه الآية على مذهبهم من حيث اشتمالها على العموم، وعلى إنكار من يخلق كخلقه(3).
وأُجيب بأنّ الآية وردت حجّة على الكفّار، فلو أُريد بها العموم
(1) سورة الأنعام 6: 102.
(2) سورة الرعد 13: 16.
(3) تمهيد الأوائل: 345، الفصل في الملل والأهواء والنحل 2 / 88 ـ 89، تفسير الفخر الرازي 19 / 38.