وأقـول:
لا يخفى أنّ الإمكان والامتناع عقلا ربّما يكونان ضروريَّين، وربّما يكونان كـسْـبِـيَّين، فإذا كانا ضروريَّين استغنى مدّعي ثبوتهما عن الدليل، ولم تصحّ مقابلته بالردّ والتشكيك.
ولذا لا يحتاج مدّعي امتناع جعل العالَم ـ على سعته ـ في بيضة على ضيقها، إلى دليل.
ولا مدّعي امتناع اجتماع الضدّين، أو النقيضين، إلى دليل.
ولا ريب أنّ العقلاء يرون وجود الرؤية بدون شرائطها من الممتنعات العقليّة، كاجتماع الضدّين والنقيضين، وكرؤية الأعدام.
وكما لا يسوغ عندهم دعوى إمكان هذه الأُمور ونحوها، لا يسوغ مثلها في الرؤية المعروفة الخاصة إذا لم تجتمع شرائطها.
وما ذكره من أنّهم " يحيلون كلّ شيء إلى إرادة الفاعل المختار، وعموم قدرته، ولا يعتبرون في خلق الأشياء توقّفه على الأسباب الطبيعيّة " خطـأ ظاهر ; لاستلزامه جواز تحقّق الرؤية بلا راء ; لأنّ الرائي جزء السبب كالشـروط.
فلو جاز عقلا وجود المسـبّبات بلا أسبابها الطبيعيّة، لجاز وجود الرؤية بلا راء، والقيام بلا قائم، والعرض بلا معروض، والجسم بلا مكان ; وهو خلاف ضرورة العقلاء.
وأمّا عموم القدرة، فهو لا يقتضي إلاّ تأثيرها في المقدور، لا في الممتنـع، كجعل الشـريك له سـبحانه ; لأنّ الممتنع ليس متعلّقاً للقـدرة،