وقـال الفضـل(1):
غرضه من هذا الكلام ـ كما سيأتي ـ أنّ الله تعالى يريد كفر الكافر، والنبيّ يريد إيمانه وطاعته، فوقعت المخالفة بين الإرادتين، وإذا لم يكن أحدهما مريداً لشيء يكون كارهاً له ; هكذا زعم.
وقد علمت أنّ معنى الإرادة من الله ها هنا هو: التقدير، ومعنى الإرادة من النبيّ: ميله إلى إيمانهم ورضاه به.
والرضا والميل غير الإرادة بمعنى التقدير، فالله تعالى يريد كفر الكافر بمعنى: يقدّر له في الأزل هكذا، والنبيّ لا يريد كفره، بمعنى أنّه لا يرضى به ولا يستحسنه، فهذا جمع بين إرادة الله وعدم إرادة النبيّ ولا محذور فيه.
نعم، لو رضي الله بشيء، ولم يرض رسوله بذلك الشيء وسخطه، كان ذلك محذوراً، وليس هذا مذهباً لأحد.
(1) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ 1 / 305.