وأقـول:
لا يخفى أنّ المقدّمة الأُولى من دليلهم ـ المذكور ـ القائلة: " إنّ المقتضي للقدرة هو الذات " مبنية على أنّ صفاته تعالى غير ذاته، وسيأتي إنْ شاء الله تعالى أنّها عين ذاته.
كما أنّ المقدّمة الثانية القائلة: " المصحِّح للمقدورية هو الإمكان " مستلزمة للدور أو التسلسل ; لأنّ صفاته سبحانه عندهم ممكنة، ومنها القدرة، فيلزم أنْ تكون القدرة مقدورة، وهو دور أو تسلسل.
وأمّا المقدّمة الثالثة القائلة: إنّ نسبة الذات إلى جميع الممكنات على السواء، فمحلّ إشكال ; كيف؟! واقتضاء الذات لصفاتها الممكنة عندهم بالإيجاب، ولباقي الممكنات بالاختيار ; فتختلف النسبة.
وعليـه: فمن الجائز أنْ تكون مقدورية بعض الممكنات للذات مشروطة بشرط منتف، أو أنّ لمقدوريّتها لها مانعاً، فلا يثبت عموم قدرته.
فالأَوْلى الاستدلال عقلا لعموم قدرته تعالى، بما ذكره المصنّف من أنّ المقتضي ـ أي العلّة ـ لتعلّق القدرة بالمقدور هو الإمكان، ضرورة توقّف ترجيح أحد طرفَي الممكن على الآخر على القدرة.
فإنْ قلت:
إنّما يثبت بهذا الدليل عموم مقدورية الممكنات لا عموم قدرته تعالى، إذ لو أثبت عمومها لأثبت عموم قدرة العبد أيضاً، لجريان الدليل بعينه فيها، فيجوز أنْ يكون بعض الممكنات مقدوراً لله تعالى، وبعضها