وقال الفضـل(1):
مذهب الأشاعرة: إنّ شرائط الرؤية إذا تحقّقت لم تجب الرؤية(2).
ومعنى نفي [هذا] الوجوب: إنّ الله تعالى قادر على أن يمنع البصر من الرؤية مع وجود الشرائط، وإنْ كانت العادة جارية على تحقّق الرؤية عند تحقّق الأُمور المذكورة.
ومن أنكر هذا وأحاله عقلا، فقد أنكر خوارق العادات ومعجزات الأنبـيـاء.
فإنّه ممّا اتّفق على روايته ونقله أصحاب جميع المذاهب ـ من الأشاعرة والمعتزلة والإمامية ـ أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) لمّا خرج ليلة الهجرة من داره، وقريش قد حفّوا بالدار يريدون قتله، فمرّ بهم ورمى على وجوههم بالتراب، وكان يقرأ سورة يس، وخرج ولم يره أحد، وكانوا جالسين، غير نائمين ولا غافلين(3).
فمن لا يُسلّم أنّ عدم حصول الرؤية جائز مع وجود الشرائط، بأن يمنع الله [تعالى] البصر بقدرته عن الرؤية، فعليه أن ينكر هذا وأمثاله.
ومن الأشاعرة من يمنع وجوب الرؤية عند استجماع الشرائط: بأنّا
(1) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ 1 / 104 ـ 106.
(2) انظر: شرح المواقف 8 / 136.
(3) انظر: الشفا ـ للقاضي عياض ـ 1 / 349، تفسير القرطبي 15 / 8 ـ 9، زاد المعاد 3 / 43 ـ 44، السيرة النبوية ـ لابن كثير ـ 2 / 230، السيرة الحلبية 2 / 193، مجمع البيان 8 / 229.