وأقـول:
ما ذكره من مغايرة الأشـاعرة للسوفسطائية في خصوصيات الأقوال، لا ينافي مشابهتهم لهم في مخالفة الضرورة، كما هو مطلوب المصنّف (رحمه الله).
فالمراد أنّهم مثلهم في إنكار المحسوسات الضرورية، وغلطهم فيها غلطاً بيّناً يسـتوضحه كلّ ذي عقل.
وأمّـا ما ذكره في بيان مذهب الأشاعرة، فهو تكرير لِما سبق، وقد عرفتَ أنّ قولهم بنفي سـببية الأسباب الطبيعية واقعاً، وجواز تخلّف المسـبَّبات عنها، وجواز وجود المسـبَّبات بدونها، مخالف للضرورة، ومستلزم لعدم صحّة الحكم على الجسم بالحدوث، وعلى المركّب بالإمكان.. إلى غير ذلك ممّا سـبق.
مع أنّ تجويز رؤية الأعمى، وسـماع الأطرش ـ العادمين لقوّتي البصـر والسمع ـ مستلزم لجواز قيام العرض بلا معروض، وهو محال.
وفرض قوّة أُخرى يجعل النزاع لفظياً، وهو ليس كذلك، فلا يمكن تخلّف المسـبَّب عن سـببه الطبيعي، ولا وجوده بدونه، بلا منافاة في ذلك لعموم القدرة، لاعتبار الإمكان في محلّها، كما سبق.
فكما لا يصحّ تعلّقها بإيجاد شريك الباري سبحانه، وبالجمع بين الوجود والعدم، لا يصحّ تعلّقها بالمسـبَّب بدون السـبب المفروض السـببية.
وأمّـا ما يظهر منه من كون القدرة علّة تامّة لوجود الأشياء، فخطأ