وقال الفضـل(1):
هذا القول للكـرّامية ; لأنّهم من جملة من يقول: إنّه جسم ; ولكن قالوا: غرضنا من الجسم أنّه موجود، لا أنّه متّصف بصفات الجسم.
فعلى هـذا، لا نـزاع معهـم إلاّ في التسـمية، ومأخـذها التوقيـف، ولا توقيف ها هنا(2).
وكونه تعالى في جهة الفوق ـ على وجه الجسمية ـ باطل بلا خلاف، لكن جرت العادة في الدعاء بالتوجّه إلى جهة الفوق ; وذلك لأنّ البركات الإلهية إنّما تنزل من السماء إلى الأرض.
وقـد جـاء في الحـديث أنّ امرأة بكمـاء أُتي بها إلى النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)فقـال لهـا رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): مَـن إلهـك؟ فأشارت إلى السماء، فقبل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إيمانها(3).
وذلك لجريان العادة بالتوجّه إلى السماء عند ذِكر الإله، وهذا يمكن أنْ يكون مبنياً على إرادة العلوّ والتفوّق، فيعبّرون عن العلوّ العقلي بالعلوّ
(1) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ 1 / 177 ـ 178.
(2) ورد مؤدّاه في: الملل والنحل 1 / 100، المواقف: 273، شرح المواقف 8 / 25 و 26.
(3) انظر: صحيح مسلم 2 / 71، مسند أحمد 2 / 291، الموطّـأ: 678 ح 8، المعجم الكبير 19 / 398 ح 937 و ج 22 / 116 ح 297، مجمع الزوائد 4 / 244، إتحاف السادة المتّقين 2 / 105، كنز العمّال 1 / 411 ح 1744 و ص 412 ح 1746، المواقف: 272 ; وفيها: " أين الله؟ " بدل " من إلهك؟ ".