وقال الفضـل(1):
هذا الحسن وهذا القبح ممّا لا نزاع فيه بأنّهما عقليّان ; لأنّهما يرجعان إلى الملاءمة والمنافرة، أو الكمال والنقص.
على أنّه قد يقال: جاز أن يكون هناك عرف عامّ هو مبدأ لذلك الجزم المشترك، وبالجملة: هو من إقامة الدليل في غير محلّ النزاع، والله تعالى أعلم.
هذه جملة ما أورده من الدلائل على رأيه العاطل، وقد وفّقنا الله لأجوبتها كما يرتضيه أُولو الآراء الصائبة.
ولنا في هذا المبحث تحقيق نريد أن نذكره في هذا المقام، فنقول:
اتّفقت كلمة الفريقين من الأشاعرة والمعتزلة على أنّ من أفعال العباد ما يشتمل على المصالح والمفاسد، وما يشتمل على الصفات الكمالية والنقصانية، وهذا ممّا لا نزاع فيه.
وبقي النزاع في أنّ الأفعال التي تقتضي الثواب أو العقاب، هل في ذواتها جهة محسّنة، صارت تلك الجهة سبب المدح والثواب، أو جهة مقبّحة، صارت سبباً للذمّ والعقاب، أو لا؟
فمن نفى وجود هاتيـن الجهتين في الفعل، ماذا يريد من هذا النـفي؟!
إنْ أراد عدم هاتين الجهتين في ذوات الأفعال، فيرد عليه أنّك
(1) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ 1 / 377.