الوجود ليس علّة تامّة في الرؤية
قال المصنّـف ـ عطّر الله ضريحه ـ(1):
المبحـث الخـامـس
في أنّ الوجود ليس علّة تامّة في الرؤية
خالفت الأشاعرة كافّة العقلاء ها هنا، وحكموا بنقيض المعلوم بالضرورة، فقالوا: إنّ الوجود علّة [في] كون الشيء مرئياً، فجوّزوا رؤية كلّ شيء موجود، سواءً كان في حيّز أم لا، وسواءً كان مقابلا أم لا!
فجوّزوا إدراك الكيفيات النفسانية ـ كالعلم، [والإرادة،] والقدرة، والشهوة، واللذّة ـ، وغير النفسانية ممّا لا يناله البصر ـ كالروائح، والطعوم، والأصوات، والحرارة، والبرودة، وغيرها من الكيفيات الملموسة ـ(2).
ولا شكّ أنّ هذا مكابرة للضروريّات، فإنّ كلّ عاقل يحكم بأنّ الطعم إنّما يُدرك بالذوق لا بالبصر، والروائح إنّما تُدرك بالشمّ لا بالبصر(3)، والحرارة ـ وغيرها من الكيفيات الملموسة ـ إنّما تُدرك باللمس لا بالبصر،
(1) نهج الحقّ: 44 ـ 45.
(2) انظر: اللمع في الردّ على أهل الزيغ والبدع: 61 ـ 63، تمهيد الأوائل: 302، شرح المقاصد 4 / 188 ـ 189، شرح العقائد النسفية: 126، شرح المواقف 8 / 123.
(3) كان في الأصل: " بالإبصار "، وما أثبتـناه من المصدر ليناسب وحدة السـياق.