هل يحصل الإدراك لمعنىً في المدرك؟
قال المصنّـف ـ طـيّب الله مثواه ـ(1):
المبحـث السـادس
في أنّ الإدراك ليس لمعنىً
والأشاعرة خالفت العقلاء في ذلك، وذهبوا مذهباً غريباً عجيباً، لزمهم بواسطته إنكار الضروريّات.
فإنّ العقلاء بأسرهم قالوا: إنّ صفة الإدراك تصدر عن كون الواحد منّا حيّـاً لا آفة فيه.
والأشاعرة قالوا: إنّ الإدراك إنّما يحصل لمعنىً حصل في المُدرك، فإنْ حصل ذلك المعنى في المُدرَك، حصل الإدراك وإنْ فُقِدتْ جميع الشرائط ; وإنْ لم يحصل، لم يحصل الإدراكُ وإنْ وُجِدتْ جميع الشـرائط!(2).
وجاز عندهم بسـبب ذلك إدراك المعدومات ; لأنّ من شأن الإدراك أن يتعلّـق بالمُدرك(3) على ما هو عليه في نفسه، وذلك يحصل في حال
(1) نهج الحقّ: 45 ـ 46.
(2) انظر مؤدّاه في: تمهيد الأوائل: 302، الإرشاد ـ للجويني ـ: 157 ـ 158، شرح المقاصد 4 / 197.
(3) في المصدر: بالمرئي.