وقال الفضـل(1):
مذهب الأشاعرة: إنّه تعـالى متكـلّم ; والدليـل عليـه: إجمـاع الأنبـياء (عليهم السلام) عليه، فإنّه تواتر أنّهم كانوا يُثبِتون له الكلام، ويقولون: إنّه تعالى أمر بكذا، ونهى عن كذا، وأخبر بكذا ; وكلّ ذلك من أقسام الكلام، فـثبت المدّعى(2).
ثمّ إنّ الكلام عندهم لفظ مشترك، تارةً يطلقونه على المؤلَّف من الحروف المسموعة، وتارةً يطلقونه على المعنى القائم بالنفس، الذي يُعبَّر عنه بالألفاظ، ويقولون: هو الكلام حقيقةً، وهو قديم قائم بذاته [تعالى] (3).
ولا بُـدّ من إثبات هذا الكلام، فإنّ العرف لا يفهمون من الكلام إلاّ المؤلَّف من الحروف والأصوات..
فنقول أوّلا: ليرجع الشخص إلى نفسه، أنّه إذا أراد التكلّم بالكلام، فهل يفهم من ذاته أنّه يُزوِّر(4) ويرتّب معاني، فيعزم على التكلّم بها؟ كما أنّ من أراد الدخول على السلطان أو العالِم، فإنّه يرتّب في نفسه معانيَ وأشياء، ويقول في نفسه: سأتكلّم بهذا.
(1) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ 1 / 203 ـ 206.
(2) شرح المواقف 8 / 91.
(3) الأربعين في أُصول الدين ـ للرازي ـ 1 / 248 و 249، شرح العقائد النسفية: 108، شرح المواقف 8 / 93.
(4) تزوير الكلام: إصلاح الكلام أو تهيئته وتقديره ; انظر: لسان العرب 6 / 112 ـ 113 مادّة " زور ".