وأقـول:
ما نقله عن الأشعري وأتباعه من أنّ تحقّق الوجود في أوّل الحدوث دون البقاء، يدلّ على تجدّد صفة ثبوتية زائدة على الوجود هي البقاء، ضروري البطلان ; لجواز أن يكون البقاء عين الوجود المستمرّ لا صفة زائدة متجـدّدة.
ولو سُلّم، فلا يدلّ على كونها وجودية، بل يجوز أن تكون اعتبارية ـ كما هو الحقّ ـ كمعيّة الباري سبحانه مع الحوادث المتجدّدة بتجدّد الحـوادث.
وذكر شارحُ " المواقف " الجوابَ الأخير وعلم به الخصم(1)، فإنّ ما ذكره من كـيفية الخلاف قد أخذه من " المواقف " وشرحها(2)، فكان الأَحرى به تركـه.
وأمّا ما أجاب به عن الإيراد الأوّل، ففيه:
إنّ حقيقة البقاء هي الاستمرار، لكن إذا كان البقاء صفة للـوجود، كان عبارة عن استمرار الوجود من باب تعيين المورد، لا أنّ حقيقة البقاء هي خصوص استمرار الوجود، فإنّه لا يدّعيه عاقل، وذلك نظير الوجود، فإنّـه عبـارة عن الثبـوت، فإذا كان وصفـاً لزيـد، كان عبـارة عن ثبوتـه، ولا يصحّ أن يقال: إنّ معنى الوجود ثبوت زيد ; فحينئذ يتمّ كلام المصنّف.
(1) شرح المواقف 8 / 107.
(2) المواقف: 296 ـ 297، شرح المواقف 8 / 106 ـ 108.