وجوب الرؤية عند حصول شروطها
قال المصنّـف(1):
المبحـث الثـالث
في وجوب الرؤية عند حصول هذه الشرائط
أجمع العقلاء كافّة ـ عدا الأشاعرة ـ على ذلك ; للضرورة القاضية به، فإنّ عاقلا من العقلاء لا يشكّ في حصول الرؤية عند اجتماع شرائطها.
وخالفت الأشاعرة جميع العقلاء في ذلك، وارتكبوا السفسطة فيه، وجوّزوا أن تكون بين أيدينا وبحضرتنا جبال شاهقة، من الأرض إلى عنان السماء، محيطة بنا من جميع الجهات، ملاصقة لنا، تملأ الأرض شرقاً وغرباً بألوان مشرقة مضيئة، ظاهرة غاية الظهور، وتقع عليها الشمس وقت الظهيرة، ولا نشاهدها، ولا نبصرها، ولا شيئاً منها ألبتّة!
وكذا يكون بحضرتنا أصوات هائلة تملأ أقطار الأرض، بحيث ينزعج(2) منها كلّ أحد يسمعها، أشدّ ما يكون من الأصوات، وحواسّنا سليمة، ولا حجاب بيننا وبينها، ولا بُعْد ألبتّة، بل هي في غاية القرب منّا، ولا نسمعها ولا نحسّها أصلا!
(1) نهج الحقّ: 41 ـ 42.
(2) كان في الأصل: " يتزعزع "، وفي المصدر: " يدعّج "، وكلاهما تصحيف ; وما أثبتـناه من إحقاق الحقّ هو المناسب للسياق.