وقال الفضـل(1):
ذكر في هذا المبحث خلاف الناس في رؤية الله تعالى، وما اختصّ به الأشاعرة من إثباتها مخالفةً للباقين.
وذكر أنّهم خالفوا الضرورة ; لأنّه لا يمكن رؤية ما ليس بجسم..
فقد علمتَ أنّ الرؤية ـ بالمعنى الذي ذكرناه ـ ليسـت مختصّة بالأجسام، ولا تُشـترط بشرط، لكن جرى في العادة اختصاصها بالجسم المقابل.
وقد علمتَ أنّ الله تعالى ليس جسماً، ولا في جهة، ويستحيل عليه مقابلة، ومواجهة، وتقليب حدقة، ونحـوه..
ومع ذلك يصحّ أن ينكشف لعباده انكشاف القمر ليلة البدر ـ كما ورد في الأحاديث الصحيحة(2) ـ وأنْ يحصل لهوية العبد بالنسبة إليه هذه الحالة المعبَّر عنها بـ: الرؤية.
فمن عبّر عن الرؤية بما ذكرناه، وجوّز حصوله في حقّه تعالى على الوجه المذكور، فأين هو من المكابرة ومخالفة الضرورة؟!
ثـمّ إنّ مـا اسـتدلّ بـه على عـدم جـواز الرؤيـة من قولـه تعـالى: ( لا تدركه الأبصار )(3)، فإنّ الإدراك في لغة العرب هو: الإحاطة ; ألا
(1) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ 1 / 130 ـ 133.
(2) مـرّت الإشـارة إلى مثل هذه الأحاديث في الجزء الأوّل، ص 49 هـ 1 ; والأحاديث المرويّة في صحاحهم في مثل ذلك كثيرة!
(3) سورة الأنعام 6: 103.