وأقـول:
لا ريب أنّ بحث المصنّف (رحمه الله) هنا عامّ لجميع الإحساسات الظاهريّة ولا يخصّ الرؤية، كما يشهد له قوله: " وأن يدرك ذلك بجميع الحواسّ من الذوق والشمّ واللمس والسمع ".
وقوله: " وجواز لمس العلم والقدرة ".. وهو أيضاً لم يستعمل في هذا المبحث لفظ الإدراك إلاّ بالمعنى المطلق.
فالمصنّف قصد بهذين القولين التنصيص على غير الرؤية، دفعاً لتوهّم اختصاص البحث بها ; ومع ذلك وقع الفضل بالوهم!
كما توهّم أيضاً أنّه أراد أنّ الإدراك معنىً يحصل في المُدرك ; والحـال أنّه أراد أنّ الإدراك يحصل لأجل معنىً في المُدرك.
وحاصل مقصوده أنّهم قالوا: إنّ الإدراك يحصل في الحيوان لأجل معنىً فيه، كالحياة، ولا ريب أنّ من شأن الإدراك أن يتعلّق بالشيء على ما هو عليه في نفسه، ولا يتقيّد الشيء ـ بالوجود ونحوه ـ إلاّ لأجل تلك الشروط السابقة، وهم لا يعتبرونها، فيجري الإحساس بمقتضى مذهبهم مجرى العلم في عموم التعلّق.
فإذا حصل المعنى في الشخص، لزم صحّة تعلّق الرؤية ونحوها بالمعدوم، وبأنّ الشيء سـيوجد.. إلى غير ذلك.
مع إنّـه بمقتضى مذهبهم ـ من إحالة كلّ شيء إلى إرادة الفاعل المختار ـ يلزم أيضاً جواز إدراك المعدوم بجميع الحواسّ الظاهريّة، كما