وأقـول:
لا ريب ببطلان قياس الغائب على الشاهد ; لأنّ القياس لا يصحّ إلاّ بإثبات علّة مشتركة بين المقيس والمقيس عليه، وإثباتها في المقام باطل ; لاختلاف الشاهد والغائب بالحقيقة.
فيمكن أن تكون خصوصية الشاهد شرطاً في الحكم، أو كون خصوصية الغائب مانعة عنه.
على أنّ دعوى أنّ علّة كون الشاهد عالماً هي العلم، فتكون علّة كون الغائب عالماً هي العلم، فيكون علمه زائداً على ذاته، موقوفة على اتّحاد علم الغائب وعلم الشاهد، واتّحاد كيفية ثبوتهما، ليصحّ إثبات العلّـيّة لعلم الغائب.
فلو أُريدَ إثبات معرفة حقيقة علم الغائب، أو كيفية ثبوته له، من علّـيّـته، جاء الدور!
وكيف يصحّ الحكم بالاتّحاد وبصحّة القياس؟! والحال أنّ أهل هذا القياس قائلون باختلاف مقتضى صفات الشاهد والغائب ; لأنّهم يزعمون أنّ القدرة في الشاهد لا تؤثّر إيجاداً، والإرادة فيه لا تُخصّص أصلا، بخلافهما في الغائب.
وكذا الحال في بقية الصفـات.
هـذا، ومن القبيح على الفضل وأصحابه ذِكره لهذا الدليل الواضح البطلان، مع علمه بإبطالهم له ; لأنّه أخذه من " المواقف " وشرحها، وقد