وأقـول:
قوله: " يريد الطاعات ويرضى بها " ليس بصحيح على عمومه، فإنّ الطاعات التي لم تقع ليست مرادة ولا مرضية له، وإلاّ لوقعت.
وقوله: " ويريد المعاصي بمعنى التقدير "، ليس بصحيح أيضاً، فإنّ الإرادة سبب التقدير لا نفسه.
ولو سُلّم، فلا بُـدّ من إرادة المعاصي ; لأنّ التقدير بدون إرادة غير ممكن ; لأنّها هي المخصّصة.
قوله: " ولكن لا يرضى بالمعاصي " باطل، إذ لو لم يرض بها فما الذي ألزمه بفعلها.
قوله: " والإرادة غير الرضا " مسلّم، لكنّ إرادة الفعل تتوقّف على الرضا به، كما إنّ إرادة الترك تتوقّف على كراهة الفعل ومرجوحيّته من جهـة.
وعلى هذا يبتني كلام المصنّف، لا على أنّ الإرادة نفس الرضا، كما زعمه الخصم.
وبالجملة: الفعل بالاختيار يستلزم الرضا به، وتركه بالاختيار يستلزم كراهته، وإلاّ لخرج العمل عن كونه عقلائياً، فيكون الله سبحانه ـ بناءً على تقديره وتكوينه لأفعال العباد ـ راضياً ومحبّاً لسبّه والفساد الواقعَين، كارهاً لمدحه والصلاح المتروكَين ; وهذا ما قاله المصنّف.
وأمّا ما رمى به الخصمُ الشيعةَ من الكذب والافتراء، فنحن نكله إلى المنصف إذا عرف أحوال رجالنا ورجالهم، ونظر إلى ما كتبناه في المقدّمة.