وأقـول:
لم نأخذ ذلك ممّا ذكره وإنْ كان صالحاً للأخذ منه، بل أخذناه من قولهم: إنّ أفعال العباد مخلوقة لله تعالى(1) ; لأنّ خلق الشيء وتقديره يسـتلزم الإرادة له والرضـا به، وتقدير عدم الشيء يستلزم كراهته ـ كما سـبق ـ، فإذا أمر الله سبحانه بما قدّر عدمه، فقد أمر بما لا يريده وكرهه، وإذا نهى عمّـا قـدّر وجوده، فقد نهى عمّا أراده ورضيه ـ كما ذكره المصنّف ـ، وهذا على مذهبهم واقعٌ جار على العادة.
ولو سُلّم أنّـا أخذناه ممّا ذكره، فمن أين أحرز عادة الله تعالى في عدم وقوع شيء من الأُمور المذكورة وهي غيب؟!
على أنّ تجويز ذلك على الله سبحانه نقص في حقّه وأيّ نقص!! لأنّه من الجهل أو العجز، تعالى الله عمّا يقول الظالمون.
(1) خلق أفعال العبـاد ـ للبخاري ـ: 25، الإبانة عن أُصـول الديانـة: 46، الإنصـاف ـ للباقلاّني ـ: 28 و 43، تمهيد الأوائل: 318 و 341 وما بعدها، الأربعين في أُصول الدين ـ للفخر الرازي ـ 1 / 319 وما بعدها و 343، المواقف: 311 ـ 315.