المعرفـة واجبة بالعقـل
قال المصنّـف ـ أجزل الله ثوابه ـ(1):
المبحـث الثـالث
في أنّ معرفة الله تعالى واجبة بالعقل
الحقّ أنّ وجوب معرفة الله تعالى مستفاد من العقل، وإنْ كان السمع [قد] دلّ عليه ; لقوله تعالى: ( فاعلم أنّه لا إله إلاّ الله )(2) ; لأنّ شكر النعمة(3) واجب بالضرورة، وآثار النعمة علينا ظاهرة، فيجب علينا أنْ نشكر فاعلها، وإنّما يحصل بمعرفته ; ولأنّ معرفة الله دافعةٌ للخوف الحاصل من الاختلاف، ودفعُ الخوف واجبٌ بالضرورة.
وقالت الأشاعرة: إنّ معرفة الله واجبة بالسمع لا بالعقل(4)، فلزمهم ارتكابُ الدور، المعلوم بالضرورة بطلانه ; لأنّ معرفة الإيجاب تتوقّف على معـرفـة الموجِـب، فـإنّ مَـنْ لا نعرفـه بشـيء من الاعتبـارات ألبتّـة، نعلـم ـ بالضرورة ـ أنّا لا نعرفُ أنّه أوجَب، فلو استُفيدت معرفةُ الموجِب من معرفة الإيجاب لزم الدور المحال.
(1) نهج الحقّ: 51 ـ 52.
(2) سورة محمّـد (صلى الله عليه وآله وسلم) 47: 19.
(3) في المصدر: المنعم.
(4) الملل والنحل 1 / 88، المواقف: 28، شرح المواقف 1 / 270 ـ 271.