وأقـول:
لا معنى لعصمة الأنبياء عن تعمّد الكذب في دعوى الرسالة، فإنّه بعد فرض النبوّة والرسالة لا يُتصوّر الكذب فيها حتّى يعصم الأنبياء عنه.
وأمّا بالنظر إلى ما قبل الرسالة، فلا تقتضي المعجزة اللاحقة عصمتهم عن الكذب قبلها، ولكن لمّا كانت المعجزة تدلّ على صدقهم في دعوى الرسالة استنتج صاحب " المواقف " عصمتهم عن الكذب في دعواها(1)، وأخذه منه الخصم بلا تدبّر ليقال: إنّهم ممّن يقول بعصمة الأنبياء في الجملة.
ثمّ إنّ دعوى إفادة المعجزة القطع لا تتمّ على مذهب الأشاعرة، إذ يجوز عقلا ـ بناءً على قولهم: " لا يقبح منه شيء "(2) ـ أن يظهرها على يد الكاذب.
ودعوى العادة على عدم ظهورها على يد الكاذب موقوفة على الاطّلاع على كلّ من ظهرت على يده المعجزة، وأنّه غير كاذب، وهو غير حاصل، بل لعلّ كلّ من ظهرت على يده المعجزة كاذب!
على أنّ التخلّف عن العادة ليس قطعي العدم، لا سيّما في مورد التخلّف عن العادة بصدور المعجزة.
(1) المواقف: 358.
(2) انظر: اللمع في الردّ على أهل الزيغ والبدع: 116، المسائل الخمسون: 61 المسألة 36، المواقف: 328.