وقال الفضـل(1):
مذهب الأشاعرة: إنّ قدرته تعالى تعمُّ سائر المقدورات، والدليل عليه: إنّ المقتضي للقدرة هو الذات، والمصحِّح للمقدورية هو الإمكان، ونسبة الذات إلى جميع الممكنات على السواء، فإذا ثبتت قدرته على بعضها ثبتت على كلّها(2).
هذا مذهبهم، وقد وافقهم الإمامية في هذا وإنْ خالفهم المعتزلة.
فقوله: " خالف في ذلك جماعة من الجمهور " إنْ أراد به الأشاعرة فهو افتراء، وإنْ أراد به غيرهم فهو تلبيس، وإراءةٌ للطالبين أنّ مذهبهم هذا ; لأنّ " الجمهور " ـ في هذا الكتاب ـ لا يطلقه إلاّ على الأشاعرة، وبالجملة: تعصّبه ظاهر، وغرضه غير خاف.
وأمّـا قول بعضهم: إنّ الله تعالى لا يقدر على مثل مقدور العبد ; فهو مذهب أبي القاسم البلخي(3).
(1) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ 1 / 164 ـ 165.
(2) المواقف: 283، شرح المواقف 8 / 60.
(3) وأبو القاسم البلخي هو: عبـد الله بن أحمد بن محمود البلخي الكعبي، ولد عام 273 هـ، من متكلّمي المعتزلة البغـداديّين، ومن نظراء أبي علي الجُبّائي، صنّف في الكلام كتباً كثيرة، منها: كتاب المقالات، وكتاب الغرر، والتفسير الكبير، وغيرهـا.
يقال إنّه كان رئيساً لفرقة من المعتزلة تدعى الكعبية نسبت إليه، أقام في بغداد، وعاد إلى بلخ خراسان حتّى توفّي فيها سنة 319 وقيل 329 هـ.
انظر: تاريخ بغداد 9 / 384 رقم 4968، وفيات الأعيان 3 / 45 رقم 330، سير أعلام النبلاء 14 / 313 رقم 204، لسان الميزان 3 / 255 رقم 1103، شذرات الذهب 2 / 281 حوادث سنة 319 هـ.