وقد بيّـنّا في ما سبق أنّ المراد من العادة ماذا(1).
فالخصم إمّا أن يقول: إنّ اسـتلزام النظر الصحيح للعلم واجب، وتخلّفه عنه محال عقلا ; فهذا باطل ; لإمكان عدم التفطّن للنتيجة مع حصول جميع الشرائط [عقلا]، فلا يكون التخلّف محالا عقلا.
وإنْ أراد الوجوب عادةً ـ بمعنى اسـتحالة التخلّـف عادةً وإنْ جاز عقلا ـ، فهذا عين مذهب الأشاعرة كما بيّـنّا.
وأمّا قوله: إنّ الأشاعرة " جعلوا حصول العلم عُقيب المقدّمتين اتّفاقياً "، فافتراء محض ; لأنّ من قال بالاستلزام عادة ـ على حسب ما ذكرناه من مراده ـ لم يكن قائلا بكونه اتّفاقياً، كما صوّره هو في الأمثلة على شاكلة طامّاته وترّهاته، وكأنّه لم يُفرّق بين اللزوم العادي، وكون الشيء اتّفاقياً ; أو يُفرّق ولكن يتعامى ليتيسّر له التشـنيع والتنفير.