كما أنّ وجوب المسـبّب بعد اختيار السـبب لا ينافي القدرة والاختيار، فظهر وجوب العلم بالنتيجة عند حصول النظر الصحيح.
وقوله: " هذا باطل ; لإمكان عدم التفطّن للنتيجة مع حصول جميع الشرائط "..
واضح البطلان ; لأنّه إنْ أراد بالشرائط الأعمّ من شرائط القياس وشرائط العلم ـ من العقل، والحياة، وعدم النوم، والغفلة ـ فإمكان عدم التفطّن مع اجتماع الشرائط من أظهر المحالات.
وإنْ أراد بها خصوص شرائط القياس، فإمكان عدم التفطّن مُسلّم، لكن اعتبار وجود شرائط العلم مفروغ عنه في كلام كلّ مُباحِث بمثل المقـام.
وأمّـا ما ذكره من أنّ نسبة المصنّف إلى الأشاعرة أنّهم جعلوا حصول العلم عقيب المقدّمتين اتّفاقياً، افتراء محض ; فغـريب!
إذ لم يُرِد المصنّف بكون الحصولِ اتّفاقياً الحصولَ في بعض الأوقات دون بعض، بل أراد به الحصول بلا لزوم ; لأنّه قال: " اتّفاقياً، يمكن أن يحصـل، وأن لا يحصـل " فوصف الاتّفـاقي بما يمكن حصـوله وعدمـه، لا بالحصول في وقت دون آخر ; وهو صريح في ما قلنا.
على أنّه لو أراد بالحصول الاتّفاقي الحصولَ في بعض الأوقات، لم يبعد عن الصدق ; لأنّ الخصم لم يجعل في أوّل كلامه حصول العلم بعد النظر دائمياً، بل قال: هو دائم أو أكثري، كما هو عين كلام شارح " المواقف ".