الأنبياء، وعجزهم عن إثبات نبوّتهم في مقام المناظرة كما ذكره من الدليل.
والجواب من وجهين:
[الجواب] الأوّل: النقـض:
وهو: إنّ ما ذكرتم من إفحام الأنبياء، مشـترك بين الوجوب الشرعي ـ الذي هو مذهبنا ـ، والوجوب العقلي ـ الذي هو مذهبكم ـ، فما [هو] جوابكم فهو جوابنا!
وإنّما كان مشتركاً، إذ لو وجب النظر بالعقل فوجوبه ليس ضرورياً، بل بالنظر فيه، والاستدلال عليه بمقدّمات مفتقرة إلى أنظار دقيقة مِن أنّ المعرفة واجبة، وأنّها لا تتمّ إلاّ بالنظر، وأنّ ما لا يتمّ الواجب إلاّ به فهو واجـب..
فيقول المكلّف حينئذ: لا أنظر أصلا ما لم يجب، ولا يجب ما لم أنظر، فيتوقّف كلُّ واحد مِن وجود النظر مطلقاً، ووجوبه على الآخر.
لا يـقـال: إنّه يمكن أن يكون وجوب النظر فِطريّ القياس، فيضع النبيُّ للمكلّـف مقـدّمات ينسـاق ذهنه إليها بلا تكلّف، ويُفيده العلم بذلك ـ يعني بوجوب النظر ضرورةً ـ، فيكون الحكم بوجوب النظر ضرورياً محتاجاً إلى تنبيه على طرفيه.
لأنّـا نقول: كونه فطريّ القياس مع توقّفه على ما ذكرتموه من المقدّمات الدقيقة الأنظار، باطل.
وعلى تقـدير صحّـته ـ بأنْ يكـون هنـاك دليـل آخر ـ فللمكلّـف أنْ لا يسـتمع إليه وإلى كلامه الذي أراد تنبيهه به، ولا يأثم بترك النظر أو الاستماع، إذ لم يثبت بعد وجوب شيء أصلا، فلا يمكن الدعوة وإثبات