ولا يخفى أنّ الخصم أخذ هذا الجواب النقضي بعينه من " المواقف " وشرحها، من غير تدبّر بعدم انطباقه على المورد ; لأنّ المصنّف ذكر لوجوب النظر دليلا ضرورياً، وما ذكره في " المواقف " دليلٌ آخر نظريّ!
فرأى الخصم أنّ صاحب " المواقف " ذكر جواباً سمّاه نقضياً، فأخذه بلفظـه من غير معرفـة بعـدم انطبـاقه على الدليـل الذي في الكـتاب، وأنّه لا يكون نقضاً عليه، وإنّما يكون نقضاً على ما بيّنه في " المواقف ".
ثمّ إنّه قد ذكر في " المواقف " نظير الدليل البديهي المذكور، وجعله دليلا على وجوب المعرفة عقلا، لا على وجوب النظر، فقال: " المعرفةُ دافعةٌ للخوف الحاصل من الاختلاف، وهو ـ أي الخوف ـ ضرر، ودفع الضرر عن النفس واجب [عقلا] "(1).
ولو قال: المعرفة دافعة للخوف، ودفع الخوف واجب بالضرورة ; لكان أَوْلى.
وأمّا ما ذكره في الحلّ:
فيرد عليه أُمور:
الأوّل:
إنّ قوله: " الوجوب عليك محقّقٌ بالشرع في نفس الأمر " كلامٌ غير نافع، وهو الذي اقتصر عليه علماء الأشاعرة ; لأنّ تحقّق وجوب النظر في الواقع وإنْ لم يتوقّـف على العلم، لكن لا يؤثّر في لزوم إطاعة المكلّف له