ما لم يعلمه، فإنّ من لا يعرف الوجوب يكون معذوراً في مخالفته وترك النظر، فيلزم الإفحام.
ولو ادّعيت عدم المعذورية عقلا في مخالفة الوجوب الشرعي الواقعي، بمجرّد احتمال المكلّف له، رجعت إلى حكم العقل، وصار المحرّك للمكلّف على النظر هو العقل لا الشرع.
وبالجملـة: إنّما يرتفع الإفحام بعلم المكلّف بالوجوب، لا بمجرّد وجوده في الواقع، وقول مدّعي النبوّة لا يفيده العلم، فلا يرتفع الإفحام، بخلاف الدليل العقلي، فإنّه يُثبت الوجوب، ويُفيد العلم به، فيرتفع الإفحـام.
الثاني:
إنّه لا يلزم من قول المكلّف: " أُريد بالوجوب ما يكون ترك الواجب به إثماً وفِعلُه ثواباً " أنْ يكون مُثبتاً للشرع، مُذعناً به ; لأنّ استعمال اللفظ في معنىً لا يستلزم اعتقاد المستعمِل بالمعنى، بل يكفيه سماعه له مستعمَلا به عند أهل الشرع، فإذا أراده صحّ كلامه من غير اعتقاد به، ولزم الإفحام.
الثالث:
إنّ نتيجة قوله: " وإنْ قال: أردت بالوجوب ما يكون الواجب به قبيحاً... " إلى آخره، أنْ يكون الوجوب عقلياً، وحينئذ ـ لو تمّ ـ لا يكون جواباً حَـلّـياً عن إشكال الإفحام بناءً على الوجوب الشرعي.
فظهر أنّ زيادة الخصم على جواب الأشاعرة بقوله: " فإنْ قال: ما لم أعرف الوجوب لم أنظر... " إلى آخر جوابه، زيادةٌ لاغيةٌ لا تنفع