الجمر(1)، بحيث لا تمايز ; أو يتّحد به، بحيث لا اثنينية ولا تغاير، وصحّ أن يقول: هو أنا، وأنا هو، وحينئذ يرتفع الأمر والنهي، ويظهر من الغرائب والعجائب ما لا يتصوّر من البشر "(2)! وقال القوشجي في " شرح التجريد " عند بيان أنّ وجوب الوجود يدلّ على نفي الاتّحاد: " قال بعض الصوفية: إذا انتهى العارف نهاية مراتب العرفان، انتفى هويّته، فصار الموجود هو الله وحده، وهذه المرتبة هي الفناء في التوحيد "(3). وحينئذ فمعنى " الفناء ": هو نفي الشخص هويّته، وصيرورته هويّة أُخرى، فيصير الموجود هو الله وحده، ويتّحد وجود العبد بوجوده تعالى! وعليـه: فمعنى " البقاء ": هو بقاء العبد بلحاظ ترقّيه إلى الرتبة العالية، واتّحاده مع ربّه، فتكون كثرة الرياضات مفنية للعبد من جهة هويّته الناقصة، مبقية له من جهة كماله واتّحاده مع الله سبحانه! وهذا هو الكفر الصريح، وعين الإلحاد. فإذاً صدق المصنّف في نقله عن بعض الصوفية، فما وجه تلك القعقعة التىّ ارتكبها الفضل؟! وما ذلك الإنكار والوقيعة بوليّ الله المصنّف، الصادق في نقله عن الخارجين عن الدين، المخالفين لنهج سيّد المرسلين في عبادته وجميع أحواله؟! وأمّـا ما ذكره في تحقيق وحدة الوجود، من أنّ نسبة الوجود والعدم
(1) في المصدر: " الحجر ". (2) شرح المقاصد 4 / 57 و 59. (3) شرح التجريد: 425 المقصد الثالث.