النفسي الذي يغاير العبارات في الخبر والأمر ـ هو إرادة فعل يصير سبباً لاعتقاد المخاطب عِلم المتكلِّم بما أخبرَ به، أو يصير سـبباً لاعتقاده إرادتـه ـ أي إرادة المتكلّم ـ لِما أمر به، لم يكن بعيداً ; لأنّ إرادة فعل كذلك موجودة في الخبر والأمر، ومغايرة لِما يدلّ عليها من الأُمور المتغيّرة والمختلفة، وليس يتّجـه عليه أنّ الرجل قد يخبِر بما لا يعلم، أو يأمر بما لا يريد، وحينئذ لا يثبت معنىً نفسي يدلّ عليه بالعبارات مغاير للإرادة كما تدّعيه الأشاعرة "(1). هذا كلام صاحب " المواقف ". وأقول: من أخبر بما لا يعلمه، قد يخبر ولا يخطر له إرادة شيء أصلا، بل يصدر عنه الإخبار وهو يدلّ على مدلول ; هو الكلام النفسي، من غير إرادة في ذلك الإخبار لشيء من الأشياء. وأمّا في الأمر، وإن كان هذه الإرادة موجودة، ولكن ظاهر أنّه ليس عين الطلب، الذي هو مدلول الأمر، بل شيءٌ يلزم ذلك الطلب. فإذاً تلك الإرادة مغايرة للمعنى النفسي، الذي هو الطلب في هذا الأمر، وهو المطلوب. ولمّا ثبت أنّ ها هنا صفة هي غير الإرادة والعلم، فنقول: هو الكلام النفساني ; فإذاً هو متصوّر عند العقل، ظاهر لمن راجع وجدانه غاية الظهور، فمن ادّعى بطلانه وعدم كونه متصوّراً، فهو مُبطِـل. وأمّا من ذهب إلى أنّ كلام الله تعالى هو أصوات وحروف يخلقها الله