واللازم: وهو امتناع الصدق عليه، باطل ; فإنّا نعلم بالضرورة أنّ من علم شيئاً أمكنه أن يخبر عنه على ما هو عليه(1). وفـيـه: أوّلا: إنّ المقدّمة الأخيرة مبنية على اعتبار قياس الغائب على الشاهد، وهو ممنوع، كما ستعرف. وثانياً: إنّ امتناع الصدق المقابل للكذب ليس ذاتياً، بل لقدم هذا الكـذب كما ذُكر في الدليـل، فيكون امتـناعاً بالغير، ولا نسـلّم بطلانه، إذ لا ضـرورة تقـضي بخلافـه، وإنّما تقـضي الضـرورة بإمكانـه الذاتي، وهو لا ينافي الامتناع بالغير. وثالثاً: إنّه يرد عليهم النقض بما ذكره القوشجي، قال: " لو تمّ هذا الدليل لدلّ على امتناع صدقه تعالى أيضاً بأن يقال: إنّ الله تعالى لو اتّصف بالصدق لكان صدقه قديماً، فيمتنع عليه الكذب المقابل لذلك الصدق، ولـكنّا نعلم بالضرورة أنّ من علم شيئاً أمكنه أن يخبر عنه لا على ما هو عليه "(2). ورابعاً: إنّه لم تمّ هذا الدليل، وأعرضنا عمّا يرد عليه، لم يثبت به إلاّ صدق كلامه النفسي ; لأنّه هو القديم، والحال أنّ الأهمّ بيان صدق كلامه اللفظي، كما بيّن هذا في " المواقف " وشرحها(3). فقد ظهر أنّه لا دليل للأشاعرة على امتناع الكذب على الله تعالى في
(1) انظر: المواقف: 296، شرح المواقف 8 / 101 ـ 102. (2) شرح التجريد: 422. (3) انظر: المواقف: 296، شرح المواقف 8 / 102.