والجواب: إنّ البقاء عُني به استمرار الوجود، لا الاستمرار المطلق حتّى يلزم اتّصاف العدم بالصفة الثبوتية، فاندفع ما قال.
الثاني:
إنّ وجـود الجوهر في الزمان الثاني لو احتاج إلى البقاء لزم الدور...
ثمّ ذكرَ أنّ الأشاعرة أجابوا بمنع احتياج البقاء إلى الجوهر، ورتّب عليه أنّه حينئذ جاز أن يقوم بذاته لا في محلّ...
وهذا الجواب افـتراء عليهم!(1).
بل أجابوا بمنع احتياج الذات إليه، وما قيل [من] أنّ وجوده في الزمان الثاني معلّل به، ممنوع ; غاية ما في الباب أنّ وجوده فيه لا يكون إلاّ مع البقاء، وذلك لا يوجب أن يكون البقاء علّة لوجوده فيه، إذ يجوز أن يكون تحقّقهما معاً على سبيل الاتّفاق(2).
فاندفع كلّ ما ذكر من المحذور.
الثالث:
إنّ وجود الجوهر في الزمان الثاني هو عين وجوده في الزمان الأوّل، ولمّا كان وجوده في الزمان الأوّل غنياً، كان في الثاني كذلك.
والجواب:
إنّ جميع أفراد الوجود محتاجٌ إلى البقاء في الزمان الثاني، غنيٌّ عنه في الزمان الأوّل، فلا يختلف أفراد الطبيعة في الاحتياج والغنى الذاتـيَّـين..
وهو حسِب أنّ الوجود في الزمان الأوّل فرد، وفي الزمان الثاني فرد آخر، وهذا غاية جهله وعدم تدرّبه في شيء من المعقولات!
(1) بل حكاه الفخر الرازي في: الأربعين في أُصول الدين 1 / 260 ـ 261، محصّل أفكار المتقدّمين والمتأخّرين: 253.
(2) انظر: شرح المواقف 8 / 108.