وقد تخيّل أنّ مراد المصنّف هو اختلاف أفراد الوجود، فبعضها غني عن البقاء في الزمن الأوّل، محتاج إليه في الزمن الثاني، والبعض الآخر ليس كذلك، فأشكل عليه بعدم اختلاف أفراد الوجود بالغنى والاحتياج. نعم، مبنى الإشكال في كلام المصنّف على كون الوجود المستمرّ فردين للوجود: أحدهما: الوجود في الزمن الأوّل، وثانيهما: الوجود في الزمن الثاني.. فإنّه حينئذ لا يمكن احتياج ثانيهما إلى البقاء مع غنى أوّلهما عنه ; لامتناع كون بعض أفراد الطبيعة محتاجاً بذاته إلى شيء، وبعض أفرادها مستغنياً عنه، وإنّما بنى الإشكال على كونهما فردين ; لأنّ التعدّد مقتضى قول الأشاعرة باختلاف الوجود في الزمانين بالغنى والحاجة إلى صفة البقاء ذاتاً(1)، فيكونان فردين من طبيعة واحدة حسب الفرض. ولو بنى المصنّف (رحمه الله) الإشكال على القول بأنّ الوجود المستمرّ فرد واحد لا تزايد فيه ولا اشتداد، لكان بطلان مذهب الأشعري أظهر، إذ يمتنع أن يكون الفرد الواحد مختلفاً بذاته بالاستغناء والحاجة في زمانين. وقد كان الأَوْلى بالمصنّف أن يذكر بطلان مذهب الأشعري على كِلا الوجهين.